إسرائيلياتالاخبار الرئيسية

الإصلاحات القضائية تهدد مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي

أجمع خبراء اقتصاديون على أن خطة حكومة بنيامين نتنياهو لإجراء إصلاحات في الجهاز القضائي الإسرائيلي ستكون لها تداعيات على الاقتصاد الإسرائيلي والنمو والاستثمارات، ومن شأنها أن تلحق ضررا بالاقتصاد، إلى جانب التأثير بشكل كبير على تصنيف إسرائيل الائتماني.

وبرر الخبراء المخاوف من أضرار غير مسبوقة على الاقتصاد الإسرائيلي، جراء خطة الإصلاحات في الجهاز القضائي التي يحركها وزير القضاء ياريف ليفين، بأن الاقتصاد الإسرائيلي يُنظر إليه عالميا على أنه اقتصاد ليبرالي ويحظى بتقدير مختلف المؤسسات الاقتصادية الدولية، وأن المساس باستقلالية القضاء من شأنه أن يقوض ثقة المستثمرين بالاقتصاد الإسرائيلي.

ووفقا للخبراء في الاقتصاد والاستثمارات، فإن المساس باستقلالية القضاء ومنح صلاحيات غير متناهية لتيار سياسي معين ووجود قوة غير مسبوقة لدى مجموعة حاكمة سيزيد من احتمالية الإضرار بالتصنيف الائتماني لإسرائيل، وبفرص حشد الاستثمارات في الشركات الإسرائيلية، وكذلك تقليص الاستثمارات في قطاع التقنية الإسرائيلي.

القضاء والاقتصاد
يعتقد خبير الاقتصاد السياسي دان بن ديفيد -البروفيسور في جامعة تل أبيب- أن الإصلاحات في الجهاز القضائي ستكون لها تداعيات على الاقتصاد الإسرائيلي، إذ لا يمكن تحديد حجم الأضرار والقطاعات التي ستتأثر.

وأوضح بن ديفيد للجزيرة نت أن كل ما يمكن أن يراه الاقتصاديون الإسرائيليون، يمكن لجميع الاقتصاديين في العالم رؤيته، قائلا إننا “نتحدث عن تراجع قيمة الشيكل، انخفاض مستمر على المداولات في بورصة تل أبيب، شركات التقنية تنقل مدخراتها في البنوك الإسرائيلية للخارج، وهذه فقط البداية”.

وحذر من تداعيات سحب الاستثمارات وقيام شركات بنقل أموالها من السوق الإسرائيلي، مشيرا إلى أن قيمة المبالغ التي حولت من المصارف الإسرائيلية خلال 6 أسابيع بلغت نحو 3 مليارات دولار، وهذا أشبه بكرة الثلج التي تتدحرج، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من تدهور الوضع الاقتصادي في إسرائيل.

وعن أسباب سحب الاستثمارات من السوق الإسرائيلي ومدى علاقة ذلك بالإصلاحات في الجهاز القضائي، تحدث بن ديفيد قائلا إن “إسرائيل تعرف في العالم على أنها دولة ديمقراطية ذات نظام ديمقراطي واقتصاد ليبرالي حر، وهو ما جذب إليها المستثمرين من الخارج”.

ويرى بن ديفيد أن هذه الإصلاحات “تضعف الجهاز القضائي وتفاقم أزمة الحكم وعدم الاستقرار السياسي في إسرائيل التي تتجه لتكون دكتاتورية واستبدادية، وسينتقل ذلك للاقتصاد والمال والاستثمارات أيضا، وهو الأمر الذي يخشاه رجال الأعمال والشركات حول العالم، وعليه أتت تحذيرات من تراجع التصنيف الائتماني لإسرائيل عالميا”.

وعلى خلفية قيام عديد من شركات الاستثمار الأجنبية بسحب مدخراتها من البنوك الإسرائيلية وتحويلها إلى الخارج، وكذلك إعلان شركة “ريسكيبيد” الإسرائيلية للتكنولوجيا، التي ذكرت أنها ستنقل أصولها إلى الخارج، بل وأوضحت لموظفيها أنها ستساعدهم على الانتقال والعمل من البرتغال، يُجمع الخبراء والمختصون على أن الضرر الرئيسي لم يأت بعد وسيتكشف حجمه على المدى البعيد.

إضعاف الاقتصاد
وهناك من يبدي مخاوفه من أن الأمر لن يقتصر على سحب الأموال وتراجع الاستثمارات من السوق الإسرائيلي، فلا يستبعدون أن يؤدي إضعاف الجهاز القضائي والمساس بالاقتصاد إلى هروب الأدمغة من إسرائيل.

ويوجد في السوق الإسرائيلي نحو 500 ألف أكاديمي من أصحاب التخصصات في المجالات كافة، مثل الهندسة والعلوم والتقنية والطب، وقد تتأثر البلاد بمجرد مغادرة جزء من تلك النخبة، حسب رئيسة كلية الاقتصاد في الجامعة العبرية البروفيسورة أليس برزيس.

وترى برزيس -في حديثها للجزيرة نت- أن الإصلاحات القضائية تُعَد “انقلابا على الاقتصاد الإسرائيلي”، وهو ما دفع وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني للتحذير من الأضرار المستقبلية التي قد تسببها هذه الإصلاحات على الاقتصاد الإسرائيلي.

وعن الأضرار والتداعيات للإصلاحات القضائية على الاقتصاد، تقول برزيس إن “الإصلاحات ستضر بحقوق الملكية، وستكون الشركات متخوفة من الاستثمار في إسرائيل. وجراء هذه الإصلاحات، سيكون هناك فساد، وعندما يكون هناك فساد، فهذا يضر بالنمو والاقتصاد والاستثمارات، كما أن الإصلاحات تخلق مشكلة تتلخص في عدم وجود المساواة، وهذا ما يخشاه العالم الليبرالي والديمقراطي”.

مخاوف وتحذيرات

التقديرات والمخاوف ذاتها عبرت عنها صوفي شولمان، محررة ملحق سوق رأس المال في الصحيفة الاقتصادية “كالكاليست”، مشيرة إلى أن تحذيرات وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني تعني أن مزيدا من الناس حول العالم على دراية بمشكلة الإصلاحات القضائية وتداعياتها على الاقتصاد وسوق المال والبورصة.

ورجحت شولمان -في حديثها للجزيرة نت- أن كثيرا من الشركات العالمية وحتى الإسرائيلية، بمجرد البدء في تنفيذ الإصلاحات القضائية على أرض الواقع، ستعيد النظر في قرار الاستثمار في السوق الإسرائيلي.

وأوضحت أن عديدا من الشركات الأجنبية وحتى الإسرائيلية ستسحب أصولها ومدخراتها لدى المصارف الإسرائيلية، وتحولها إلى خارج البلاد، ومن ثم ستزيد شكوك المستثمرين بشأن جدوى إطلاق مشاريع في إسرائيل.

وخلصت للقول إن “هناك بالفعل ضررا لا يمكن إصلاحه، جراء ما يحصل بإسرائيل من صراع سياسي وخطة إصلاح الجهاز القضائي، فالعالم يرى النقاش في تل أبيب. لا شك في أنه إذا نفذت الإصلاحات، فسيكون هناك ضرر لا رجعة فيه على الاقتصاد الإسرائيلي، مع تزايد المخاوف من هجرة العقول إلى الخارج”.

زر الذهاب إلى الأعلى