الإجراءات أحاديّة الجانب في الضفّة تضرّ بالتعاون الأمنيّ بين واشنطن وتل أبيب
حذّر مسؤولون رفيعو المستوى في الإدارة الأميركية، مؤخرا، مسؤولين إسرائيليين من أن نقل صلاحيات الإدارة المدنية بما يتيح اتخاذ قرارات هامة بشأن الضفة الغربية المحتلة، في إطار المفاوضات الائتلافية لتشكيل حكومة إسرائيلية مقبلة، “يمكن أن يكون له عواقب على العلاقات بين البلدين”، وقد “يؤثر التغيير في السياسة الإسرائيلية على التعاون في مواجهة التحديات في الشرق الأوسط، وعلى رأسها التهديد الإيراني”.
جاء ذلك بحسب ما أوردت صحيفة “هآرتس”، مساء الخميس، في تقرير نقلت فيه عن مصادر إسرائيلية مطلعة على تفاصيل المحادثات بين تل أبيب وواشنطن، قولها إن “الأميركيين يتابعون بقلق الأنباء المتعلقة بالمفاوضات الائتلافية، في محاولة لفهم كيفية تصرُّف الحكومة المقبلة في ما يتعلق بالضفة الغربية”.
يأتي ذلك فيما سيتولى حزب “الصهيونية الدينية” الذي يترأسه بتسلئيل سموتريتش، مسؤولية الإدارة المدنية وينسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة، من خلال وزير ينوب عنه في وزارة الأمن، بحسب اتفاق تمّ التوصل إليه بين سموتريتش، وحزب الليكود الذي يترأسه المكلّف بتشكيل الحكومة، بنيامين نتنياهو.
وذكر التقرير أنه في المحادثات التي جرت في الأسابيع الأخيرة بين واشنطن وتل أبيب، “أعرب الأميركيون عن قلقهم من نقل الصلاحيات المتعلقة بالضفة الغربية من وزارة الأمن إلى وزارات حكومية أخرى، وأضافوا أن الولايات المتحدة ودولًا أخرى ستفسر تغييرًا في السياسة تجاه سكان الضفة الغربية، كضمّ أحاديّ الجانب”.
وفيما تقول أحزاب اليمين المتطرف إنها تعتزم مساواة وضع المستوطنين قي الضفة الغربية المحتلة، بوضع بقية مواطني إسرائيل، قال ممثلو الإدارة الأميركية، بحسب التقرير، إن “هذا سيعتبر تمييزًا عنصريًا بين اليهود والفلسطينيين، وهو أمر لن يتمكن المجتمع الدولي من القبول به”.
وأضافوا أن “الضم الذي يترك الفلسطينيين في مكانة أدنى، سيعتبر قيادة لنظام الفصل العنصري (أبارتهايد)”، فيما قدّر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قالت “هآرتس” إنه اطلع على مضمون المحادثات، إن الوضع الذي سيتم فيه التعامُل مع السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية بهذه الطريقة، يبدو الآن “أقرب وأكثر واقعية من أي وقت مضى”.
ووفق التقرير، فإنه في “مناقشة أمنية مغلقة حول هذه القضية، قال مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية إن ممثلي الإدارة (الأميركية) أوضحوا أن التحركات أحادية الجانب في الضفة الغربية، ستضر بشكل خطير بمصالح إسرائيل الأمنية، ومكانتها الأمنية” كذلك.
“إصبع في عين واشنطن”
وحذر الأميركيون على وجه التحديد “من أن مثل هذه التحرّكات، والتي سيُنظر إليها على أنها ’إصبع في عين’ الولايات المتحدة ورئيسها جو بايدن”، قد تتسبب في “حدوث تدهور حاد في العلاقات بين البلدين”، مما قد يضر أيضًا باستعدادات إسرائيل لتنفيذ هجوم على إيران”.
وبالإضافة إلى الولايات المتحدة، فإن الدول الموقعة على “اتفاقيات أبراهام”، والدول الأخرى التي “تقيم معها إسرائيل علاقات غير رسمية، قلقة أيضًا من خطوات الحكومة (الإسرائيلية) المقبلة”، بحسب التقرير الذي أوضح أن ممثلي هذه الدول “تحدثوا مؤخرًا مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، وحذروهم أن أي تغيير في السياسة تجاه الضفة الغربية، قد يؤدي إلى تحيز الرأي العام في بلدانهم ضد إسرائيل، بحيث يجد قادتها صعوبة في الحفاظ على العلاقات معها”.
وبحسب الصحيفة، فقد شارك مسؤولون قانونيون كبار في المناقشات حول هذا الموضوع، وحذروا من أن الخطوات الإسرائيلية التي من شأنها إحراج الإدارة الأميركية ستزيد من فرصة تدخل محكمة العدل الدولية في لاهاي، في ما يحدث بالضفة الغربية، بدون دعم من الولايات المتحدة”.
وفي الصدد ذاته، ذكر التقرير أن أحد المشاركين في النقاشات بشأن هذا الموضوع، وصف ذلك بأنه “هجوم إستراتيجي”، يمكن أن يكون له عواقب شخصية على كبار المسؤولين في الجهاز الأمني الإسرائيلي، بالإضافة إلى الإضرار بمكانة إسرائيل الدولية.
تهرّب أميركيّ من إيضاح “الخطوط الحمراء” بشأن الضفة
في المقابل، رفض السفير الأميركي لدى إسرائيل، توماس نيديس، الإجابة عما قد تكون “الخطوط الحمراء لإدارة بايدن” في ما يتعلق بالضفة الغربية المحتلة، غير أنه قال إن واشنطن مهتمة بالحفاظ على حل الدولتين، لافتا إلى أنهم “يقولون ذلك بوضوح”، وذلك بحسب ما نقلت عنه القناة الإسرائيلية 12، مساء الخميس.
وأضاف نيديس: “نحن نهتم بهذه القضايا، لأننا في النهاية نريد الحفاظ على رؤية (حلّ) الدولتين، وكذلك كرامة الشعب الفلسطيني”، وفق زعمه.
وتابع: “ليس لدي أوهام بأننا سنحتفل في البيت الأبيض بجائزة نوبل للسلام، لكن من المهم أن نبقى مع رؤية عملية في ما يتعلق بحل الدولتين، وأن نعتني بالشعب الفلسطيني”، مشيرا إلى أن “إعطاء الفلسطينيين فرص الازدهار لن يسهم إلا في أمن إسرائيل”.
وكان نيديس، قد أجرى في تشرين الثاني/ نوفمبر، زيارة إلى مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، لأول مرة منذ تعيينه في المنصب منذ نحو عام، وذلك خلافا للتصريحات التي صدرت عنه سابقا، والتي زعم فيها أنه “لن يزور المستوطنات تحت أي ظرف من الظروف”.