استحضار الادوات المناسبة للمعركة يعطيك القدرة على تحقيق النصر ووقف مخططات العدو
بقلم : عصام الحلبي
لم يعد مثار شك، أوخافيا على احد ما يخطط له الإحتلال الإسرائيلي، ويعمل جاهدا على تكريسه ، في ظل انشغال عالمي بما يحصل في المنطقة العربية من احداث وصل لهيبها وشظاياها الى القارة الإفريقية واوؤوبا.
يعمل الإحتلال الإسرائيلي الى فرض أمر واقع ، جغرافي ، وسكاني ، وخاصة في مدينة القدس الشريف وجوارها من خلال الاستيطان فيها وهدم منازل المقدسيين ومنعهم من ترميم منازلهم وسحب هوياتهم المقدسية ، والحفريات التي يجريها حول المسجد الأقصى لتغيير المعالم التاريخية للمدينة، وتكريس جدار الفصل العنصري ” الجدار العازل” كجدار سياسي ، أمني ليشكل حدودا مفترضة لدولة فلسطينية اصبحت في الواقع السياسي الأممي يعمل الاحتلال الاسراىيلي على تقويضه، حيث نالت هذه الدولة اعترافا عالميا ومن اعلى المنابر الاممية” الأمم المتحدة ” كعضو مراقب بغالبية أصوات الدول المنضوية تحت هذا الإطار الأممي .
إن ما يحاول الكيان الإسرائيلي المحتل فرضه على ارض الواقع هو الاستعداد الى مرحلة مواجهة سياسية اشمل من سابقاتها ، والتي بدات منذ العام 1974 في أول حضور فلسطيني اممي ومن اعلى المنابر ، حيث وقف الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات مخاطبا العالم بالقول ” جئتكم حاملا غصن الزيتون بيد وباليد الأخرى بندقية الثائر ، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي” حينها تكرس التمثيل الفلسطيني في ” منظمة التحرير الفلسطينية” كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وتم قبول عضوية منظمة التحرير، كعضو مراقب في المنظمة الأممية ، وبقي هذا التمثيل قائما الى يوم ذهاب رئيس دولة فلسطين محمود عباس الى الأمم المتحدة وتقديمه طلب عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة والذي جند الاحتلال الاسرائيلي كافة امكانياته وادواته الاجرامية من أجل اجهاض هذه الخطوة السياسية المهمة والتي ترسم المعالم الاساسية للدولة الفلسطينية ، والتي جوبهت من قبل الاحتلال الاسرائيلي مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية ، الا ان الاصرار الفلسطيني نجح في تكريس فلسطين دولة عضوا غير مكتمل العضوية ،والذي لم تستطع الجهود والمكائد الاسرائيلية والأمريكية من منعه، ففلسطين دولة تحت الإحتلال وعضوا في الامم المتحدة ومن واجب هذه المؤسسة الدولية واعضائها العمل بجدية للضغط على الاحتلال الاسرائيلي لإجباره على انهاء احتلاله لدولة عضوا في منتداهم الدولي .
ان هذه الخطوة والتي ترافقت مع الانجاز والصمود الذي سطره ويسطره يوميا شعبنا في غزة والضفة الغربية والقدس وفي كل مدن وقرى فلسطين في وجه الاحتلال قد اعاد القضية الفلسطينية الى الواجهة من جديد بعد ان غيبت من قبل المجتمع الدولي ، وفي ظل إنشغال كامل للعرب والمسلمين في مشكلاتهم الداخلية المستعصية حتى باتت كل دولة تنشد مصلحتها القطرية والذاتية بل اكثر من ذلك كل نظام ينشد بقائه واستمراريته مهما كلف الثمن .
هو الاحتلال الاسرائيلي الذي يعمل على تهيئة الظروف واقتناص الفرص من أجل الإنقضاض على حقوق شعبنا الفلسطيني.
ان تزايد وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية ليست خطوة في الهواء ، و كذلك اقتلاع الفلسطينين من قراهم في الأغوار الشمالية ” وادي المالح ـ عين الحلوة _ عين البيضا ؛ بردلة، والخلن الاحمر …” ، وزرع المستوطنيين مئات الاف من اشجار النخيل في الأغوار هي خطوات من اجل تكريس أمر واقع على الارض يصعب معه قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة والاستمرار دون الإرتباط بالكيان الاسرائيلي اقتصاديا بشكل اساسي ليتحول الكيان الفلسطيني الوليد الى كائن في غرفة الإنعاش الدائمة والذي يستمد الأوكسجين من خارج نطاقه .
هذا االواقع لايمكن مواجهته الا بخطوات جدية وصادقة تستند اولا على المصالحة الوطنية الفلسطينية التي تؤدي الى وحدة وطنية ، تشكل اساسا لجبهة وطنية عريضة اسسها موجودة ” منظمة التحرير الفلسطينية” والتي هي بحاجة الى اصلاح وتطوير وتفعيل مؤسساتها ومشاركة الجميع فيها …
إن المزاوجة بين كافة وسائل النضال كل في زمانه ومكانه ، والحرص على بقاء حق المقاومة المسلحة مشرعا ” وهذا تكفله القوانيين الدولية لنا” وان تقدمت عليه اساليب نضالية اخرى في بعض الاوقات ، فهذا التقدم لا يعني اسقاطه أو التخلي عنه.
كما لا يمكن إغفال العمل الجدي على تفعيل المؤسسات الوطنية الفلسطينية والأطر النقابية والشبابية والنسائية وغيرها من الأطر ، وتجذيرها لتكون شريكة في القرار والمعركة على كافة الصعد .
ولا بد من رسم استراتيجية للتحرك الفعلي والدؤوب من خلال خطط علمية ومدروسة وتراكمية للتوجه الى دول العالم لتكوين الدعم الاممي لقضيتنا على المستويات الرسمية والنقابية والحزبية والشعبية .
ان توطيد العلاقة مع الشعوب والاحزاب العربية والاسلامية هو ركيزة اساية في نضالنا الوطني .
ان الثقافة الوطنية الغير متعصبة حزبيا أو فصائليا على حساب الشمولية الوطنية باتجاه فلسطين الوطن والتاريخ ،الأمل المنشود والكيان الجامع للجميع يتطلب تطويرا لمؤسساتنا التربوية والثقافية اينما وجدت لتقوم بدورها الريادي .
ان العمل الدائم على انتاج وايجاد افكار وادوات نضالية قادرة على مخاطبة العالم بلغته دون التماهي معه في قضايا قد تضر بقضيتنا الفلسطينية وبثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا تجعلنا دوما في حضور لا يمكن لاي كان ان يتجاهلنا أو يتجاهل حقوقنا في العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، وتفكيك الاستيطان والمستوطنات ، وحرية أسرانا … انها الكرامة الوطنية والحرية تتطلب دفع الاثمان والتنازل من الخاص لصالح العام ونكران الذات والأنا.