كتبت جريدة “الأخبار”:
ردّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على «الهجمات» التي تعرّض لها طوال الفترة الماضية، وخصوصاً خلال اليومين الأخيرين، بعد مقتل 6 أسرى إسرائيليين في قطاع غزة، والاحتجاجات الكبيرة التي اندلعت عقب ذلك. وخرج الرجل بعد 24 ساعة طويلة، شهدت تظاهرات حاشدة وإضراباً عاماً شلّ الكيان، لا للتراجع عن مواقفه السابقة، بل ليجدد تمسكه بها، ويتحدّى معارضيه بشكل واضح ومباشر. ورغم أن نتنياهو افتتح خطابه بطلب «الصفح» من عائلات الأسرى القتلى، إلا أن كل كلامه تركّز حول إثبات صوابيّة خياراته وسياساته، خصوصاً بشأن «محور فيلادلفيا».
وللغاية، أفرد نتنياهو الجزء الأكبر من مؤتمره الصحافي، ليشرح على الخارطة أهمّية سيطرة الجيش الإسرائيلي على المحور الحدودي، الذي زعم أن «حماس» بنت قدراتها العسكرية عبره. وذكّر نتنياهو بموقفه عندما كان وزيراً في حكومة أرييل شارون، عام 2005، حين تنفيذ «فكّ الارتباط»، حيث عارض الانسحاب من محور «فيلادلفيا»، مضيفاً أن «خروجنا من المحور، كان بمثابة فتح الطريق لدخول الأسلحة وغيرها إلى حماس». وتابع أن «فيلادلفيا هو أنبوب الأوكسيجين لحماس ويجب قطعه».كما عبّر نتنياهو عن رغبته – بشكل غير مباشر – في إعادة احتلال قطاع غزة، حيث قال: «خضت 3 حروب قضينا فيها على كثير من أعدائنا، لكن لم نحظَ بدعم دولي لإعادة احتلال غزة».
وزعم أنه «عندما دخلنا إلى محور فيلادلفيا، شعرنا بتغيير لصالحنا في الوضع العسكري»، مضيفاً أن ذلك «أجبر حماس على تغيير موقفها في المفاوضات»، متابعاً: «يقولون لنا اخرجوا من محور فيلادلفيا لمدة 42 يوماً، وأنا أقول إذا فعلنا ذلك فلن نعود إليه ولو بعد 42 سنة». وأشار إلى الانتقادات الحادة التي تعرّض لها أخيراً، وخصوصاً من وزير الحرب يوآف غالانت، وقال: «بعد أن ذبحوا ستة من مخطوفينا بدم بارد تعالت أصوات داخل المجلس الأمني تطالب بإبداء مرونة»، لكن «أي مرونة نبديها تحت الضغط الحالي ستكون بمثابة إذعان لإرهاب حماس (…) لن أبدي أي مرونة في أمور حساسة ومحورية تتعلق بأمننا (…) لن أقبل حديثاً عن تقديم تنازلات». ونبّه نتنياهو إلى ما سماه «سعي العدو لتفرقتنا»، خصوصاً في ظل الانقسام الحاد الذي يعيشه الجمهور الإسرائيلي حول مسألة الحرب عموماً، وصفقة الأسرى خصوصاً، قائلاً إن «شعبنا لن ينحني أمام ضغوط عدونا، وأقول للسنوار لا تعوّل على تفريقنا». وحول الوضع الميداني وسير العمليات العسكرية في قطاع غزة، ادّعى نتنياهو بـ«أننا قريبون من تدمير حماس وعلينا الاستمرار حتى حرمانها من أدوات السلطة والحكم»، مضيفاً أن «الحرب تنتهي فقط، عندما تنتهي سلطة حماس في القطاع».
بايدن: نتنياهو لا يفعل ما يكفي للتوصل إلى الصفقة
وعقب مؤتمر نتنياهو، خرجت تصريحات مضادّة من أقطاب السياسة الإسرائيلية؛ إذ قال الوزير السابق في «مجلس الحرب» بيني غانتس، إن «العجيب أن من كان يخشى الدخول في عملية برية في غزة ولم يكن يريد الدخول البري إطلاقاً في جنوب القطاع، يشرح اليوم للبلاد كلها أهمية محور واحد لم يكن يريد الدخول إليه»، معتبراً أن «من لا يستطيع الوفاء والالتزام بتحقيق أهداف الحرب، عليه أن يضع المفاتيح جانباً ويترك الأمر لمن يستطيع مواجهة التحديات». ورأى زعيم المعارضة، يائير لابيد، بدوره، أن «محور فيلادلفيا لا يزعج نتنياهو حقاً، بل محور بن غفير – سموتريتش». معتبراً أن ذريعة «فيلادلفيا»، «هي حيلته الجديدة لمنع تفكك ائتلافه (…) وكل ما قاله نتنياهو عن محور فيلادلفيا هو خدعة وكذب». كما رأت «هيئة عائلات الأسرى» أن «خطاب نتنياهو مليء بالأكاذيب والتلفيق، وهو اختار التخلي عن أبنائنا بدلاً من إنقاذهم وإعادتهم».
وفي مقابل هؤلاء، دعم وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، مواقف نتنياهو، وقال: «أدعم رئيس الوزراء لكلماته المهمة هذا المساء»، مشدداً على منع «الموافقة على صفقة غير شرعية والخروج من محور فيلادلفيا». وفي الاتجاه نفسه، قال وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش: «نقف خلف نتنياهو ونسانده في الوقوف ضد أعدائنا ورسائله كانت واضحة إلى الجمهور الإسرائيلي والعالم (…) لقد قال نتنياهو أشياء بسيطة يجب على كل إسرائيلي يريد أن يعيش بأمان أن يتماثل معها: تحتاج دولة إسرائيل إلى القضاء على حماس من أجل الحفاظ على أمن مواطنيها بقوة (…) إننا جميعاً متّحدون في الرغبة والجهد لإعادة المختطفين والقضاء على حماس».
وعلى المقلب الأميركي، اتهم الرئيس جو بايدن، أمس، نتنياهو، بأنه «لا يفعل ما يكفي»، من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، متحدثاً عن «قرب التوصّل إلى اتفاق نهائي بهذا الشأن». وقال «البيت الأبيض» إن بايدن ونائبته كامالا هاريس ناقشا خطوات لـ«تأمين إطلاق سراح المحتجزين واستمرار التشاور مع الوسيطين القطري والمصري». وأضاف أن بايدن ونائبته «عقدا اجتماعاً مع فريق التفاوض الأميركي حول غزة، وتلقّيا إحاطة حول وضع المفاوضات الخاصة بالمحتجزين في القطاع». كما بحث بايدن مع فريقه الاقتراح الأميركي – القطري – المصري بشأن «جسر الخلافات بين حماس وإسرائيل»، بحسب «البيت الأبيض». وعقب مؤتمر نتنياهو الصحافي، قال بايدن: «لا نزال نواصل مفاوضات وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، ونتفاوض مع فريق نتنياهو وليس معه هو»، إضافة إلى «زملائي من قطر ومصر».