اتصالات لتأكيد مشروعيّة الثأر: إيران تفصل مسارَي «الردّ» و«وقف النار»
كتب محمد خواجوئي في “الأخبار”:
تزامناً مع طرح الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، أسماء وزراء حكومته أمام البرلمان لنيل ثقته، لا تزال التكهنات حول رد إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في طهران، جنباً إلى جنب المشاورات الديبلوماسية، متواصلة. وقدّم الرئيس الجديد، أمس، تشكيلته الوزارية المقترحة للحكومة الـ 14 الإیرانیة، إلى البرلمان، وتضمّنت تعيين عباس عراقجي وزيراً للخارجية، علماً أن الأخير عمل مساعداً لوزير الخارجية في حكومة حسن روحاني، وكان له دور بارز في المفاوضات النووية مع الغرب. وكما كان متوقعاً، اقترح بزشکیان حكومة «وفاق وطني» من مختلف التيارات السياسية، الأصولية والإصلاحية والشخصيات المستقلة. وممّا بدا لافتاً، اقتراحه أسماء ثلاثة وزراء من حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، أبرزهم وزير الأمن، إسماعيل خطيب، فيما أبقى بزشکیان، في مرسوم رئاسي أصدره السبت، رئيس»هيئة الطاقة الذرية»، محمد إسلامي، في منصبه.ووفقاً للتقليد المتبع منذ عقود، يتم الإعلان عن أسماء وزراء الاستخبارات والدفاع والخارجية والثقافة، بعد التنسيق مع المرشد الأعلى، علي الخامنئي، وموافقته. لكن بزشكيان كان قد أعلن، قبل أسابيع، أنه سيحمل قائمة حكومته المقترحة برمّتها إلى المرشد لـ»التنسيق والتشاور معه»، قبل عرضها على البرلمان. ومن المقرّر أن يصار إلى مراجعة كفاءة الوزراء المقترحين من قِبَل النواب في اللجان البرلمانية، هذا الأسبوع، وفي القاعة العامة للبرلمان اعتباراً من الأسبوع المقبل.
على أن انطلاق أعمال الحكومة الإيرانية الجديدة لا يزال متأثراً بالتطورات المتصلة باغتيال إسماعيل هنية في طهران، والرد الإيراني المحتمل عليه. ومع مرور 12 يوماً على وقوع الحادثة، لا يزال المسؤولون الإيرانيون يتحدثون عن حتمیة «الرد الحاسم» على إسرائيل، بينما ثمّة تكهنات، في الوقت نفسه، بأن الجمهورية الإسلامية ربما تعيد النظر في شن هجوم كبير ومتعدّد الجوانب على الكيان، لتجنّب وقوع خسائر في صفوف غير العسكريين، والدخول في حرب إقليمية واسعة. وفي هذا الجانب، أکد الناطق باسم «الحرس الثوري» الإيراني، العميد علي محمد نائيني، في تصریح أمس، أن «الكيان الصهيوني سيتلقّى الرد على اغتيال هنية»، مضیفاً: «الخوف من الرد الإيراني يسيطر على كامل الأراضي المحتلة». وتابع: «العدوّ يظنّ أنه يستطيع تعويض الهزيمة الميدانية بالاغتيال، في حين أن وجود وهوية إسرائيل الغاصبة يتعرّضان للانهيار أكثر من أيّ وقت مضى بعد اغتيال الشهيد هنية». وفي الموازاة، أعلن «الحرس» أن مناوراته العسكرية الموسّعة غرب البلاد، والتي بدأت الجمعة الماضي، ستستمر لغاية يوم غد الثلاثاء.
وفي سیاق متصل، دان رئیس البرلمان الإیراني، محمد باقر قاليباف، أمس، جريمة کیان الاحتلال في مدرسة «التابعين» في غزة، مؤكداً «(أنّنا) نعتبر الثأر للشهيد إسماعيل هنية من واجبنا الديني والوطني بناءً على توجيهات قائد الثورة الإسلامیة الحكيم، وعلى الکیان الصهيوني أن ينتظر عقاباً شديداً من الشعب الإيراني».
اقترح بزشكيان أسماء ثلاثة وزراء من حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، أبرزهم وزير الأمن
وعلي المستوى الديبلوماسي، أجرى القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني، علي باقري كني، اتصالات منفصلة، أمس، بكل من نائب رئيس المكتب السياسي لـ»حماس» في غزة خليل الحية، وعدد من المسؤولين في بلجيكا وهولندا وإندونيسيا، شدّد خلالها على حق إيران في الرد على اغتيال هنية. وأكد باقري كني، خلال اتصاله مع الحية، أن «إيران ستبقى إلى جانب فلسطین، وما يقوم به كيان الاحتلال لا يدع مجالاً للشكّ في أنه يسعى إلى محو الفلسطينيين وإبادتهم جماعياً»، مشيراً إلى أن طهران «تحاول جدّياً إدانة جريمة الصهاينة الجديدة المتمثلة في الهجوم على مدرسة «التابعين» في غزة في المحافل الإقليمية والدولية».
وفي اتصاله مع وزيرة خارجية بلجيكا، حاجة لحبيب، قال باقري كني إن «الرد الإيراني مشروع وحاسم، وسيجعل الكيان الصهيوني نادماً على اعتداءاته»، لافتاً إلى أن «الكيان الصهيوني المجرم يهدّد استقرار وأمن منطقة غرب آسيا عبر جرائمه المتواصلة، بما فيها استهداف مدرسة في غزة واستشهاد مدنيين أبرياء أثناء عبادتهم في ذلك المكان، وكذلك مهاجمة منطقة سكنية في بيروت واغتيال إسماعيل هنية في طهران». وفي اتصال أجراه مع وزير الخارجية الهولندي، كاسبر فيلدكامب، أعاد باقري كني تأكيد «أحقيّة إيران في الرد على اغتيال هنية، وفقاً للقوانين والمقررات الدولية وميثاق الأمم المتحدة»، مع تشديده على أنه «لو أن جريمة واحدة من جرائم الكيان الصهيوني ارتُكبت من قِبَل طرف آخر، لكان الغرب رفع راية حقوق الإنسان ضده». وأشار إلى أن «بعض الدول الأوروبية التزمت الصمت إزاء انتهاك الكيان الصهيوني القرارات الدولية، وأعاقت اتخاذ قرار ضده في مجلس الأمن».
وكانت ممثلة إيران في الأمم المتحدة قد رأت، قبل أيام، أن لبلادها الحق في الدفاع المشروع، حيث «تمّ انتهاك أمن وسيادة طهران في العمل الإرهابي الأخير الذي قام به الكيان الإسرائيلي»، مشدّدةً على أن ذلك لا علاقة له بوقف إطلاق النار في غزة. وأوضحت أن الردّ سيتم بطريقة لا تضرّ بوقف إطلاق النار المحتمل في القطاع، مع تأكيدها أن «التوصّل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة هو أولويّتنا، وأيّ اتفاق تقبله حركة حماس سيكون مقبولاً بالنسبة إلينا».