ابن فرحان لنواف سلام: اِمْضِ بحكومة أمر واقع!
كتبت جريدة “الأخبار”:
بقيت أزمة تأليف الحكومة عالقة في شبكة التعقيدات الداخلية، لكنّ الخارج لن ينتظر طويلاً، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والذي ربط الدعم بتطبيق الإصلاحات. وقد استغلّ البعض هذا الكلام للضغط أكثر على رئيس الحكومة المكلّف القاضي نواف سلام، ومحاولة «توجيهه» على طريق فك التفاهم مع الثنائي حزب الله وحركة أمل، وعدم القبول بأي حلول وسطية.
وتسرّبت أمس معلومات عن أن سلام «يخضَع لابتزاز كبير من جماعة ما يُسمى التغييريين والمستقلين»، والتي تحاول إقناعه بأن «انصياعه» للمطالب سيفشل تجربته الحكومية الانتقالية ويمنعه من فرصة تكليفه مرة جديدة بعدَ الانتخابات النيابية. وما بينَ ابن فرحان الذي أعطى إشارة ثمن الرضى السعودي ومحاولة «التغييريين» «عصرَه» حتى النهاية، تقاطعت الروايات عن مسار التشكيل عند أن «الرجل أصبحَ أكثر ضياعاً، وغير قادر على الموازنة بين كونه تغييرياً وإصلاحياً من جهة، وحاجته إلى مراعاة التوازنات في البلد من جهة ثانية». وقد دفع ذلك، بعض الكتل السياسية للتفكير بطلب مواعيد من رئيس الجمهورية جوزيف عون للنقاش معه في هذا الأمر، فهي تشعر بأنها «غير قادرة على فهم ما يُريده سلام، لأنه في كل الجلسات التي عقدها أو الاتصالات التي يقوم بها لا يعطي جواباً واضحاً، سلباً أو إيجاباً»، وتقول مصادرها: «إننا في بعض الأحيان نسمع منه شيئاً، ونرى شيئاً آخر». وفيما تردّدت معلومات عن أن سلام كان في طريقه إلى قصر بعبدا أمس للقاء عون ووضعه في آخر المستجدات، قالت مصادر مطّلعة إن «رئيس الحكومة المكلّف تراجع عن الزيارة لكونه لا يملك تصوّراً بينَ يديه، وما حصل دفعه للتردد أكثر، بينما يبحث عن مخرج مع حزب الله وحركة أمل بأن يكتفي بتنفيذ نصف التفاهم وعدم إعطائهما كل ما يطلبانه»، وقد يزور سلام اليوم الرئيس نبيه بري في عين التينة.
التقى الوزير السعودي بعيداً من الإعلام مع جعجع وجنبلاط والجميل وشخصيات أخرى
وفي السياق تبيّن أن زيارة الوزير السعودي إلى بيروت لم تقتصر على لقاء الرؤساء، وهو أمضى مساء أمس الأول في لقاءات مع قيادات يتقدّمها وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور بحضور النائب وائل أبو فاعور، ثم مع قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، وشخصيات أخرى. وتركّز البحث حول الوضع في لبنان وسوريا مع تأكيد المسؤول السعودي أن بلاده ستكون حاضرة في لبنان بقوة في المرحلة المقبلة. وحثّ ابن فرحان ضيوفه على مساعدة رئيس الحكومة المكلّف في تشكيل حكومته بأسرع وقت ممكن.
وبحسب مصادر متابعة فإن المسؤول السعودي قال إنه «شجّع سلام على التعجيل بتشكيل الحكومة، ونصحه بعدم الاستماع إلى كل المطالب، وأن يذهب باتجاه تشكيل حكومة اختصاصيين، وفرضها كحكومة أمر واقع». وقال ابن فرحان إن «بلاده ستساعد في تأمين الثقة للحكومة من خلال علاقاتها الواسعة مع الكتل النيابية». وأشار إلى أن «الرياض تتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية في هذا المجال، وستقفان إلى جانب سلام كما تقفان إلى جانب رئيس الجمهورية». وكرّر المسؤول السعودي، ملاحظات سبق لبلاده أن أبلغتها إلى جهات رسمية في لبنان، من أن تأخّر التشكيل، سينعكس على الزخم الموجود حالياً، وأن الدول الكبرى مهتمة اليوم بلبنان، ولكنها تجد نفسها أمام استحقاقات أكبر مثل سوريا وغزة.
وبعد زيارة ابن فرحان، وصل وزير الخارجية الكويتي عبدالله علي اليحيا إلى بيروت، في زيارة رسمية، يجول خلالها على المسؤولين اللبنانيين. الزيارة استهلّها اليحيا بلقاء رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، حيث أكد الرئيس عون «أننا على ثقة بأنّكم لن تبخلوا في تقديم المساعدة لأشقائكم في لبنان الذين ينتظرون عودتكم لتكونوا بين أهلكم وأحبائكم». كما اجتمع اليحيا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس سلام.