إعادة الإعمار: إيران ممنوعة وشروط أميركية… ما الحل؟
مطلوب دعم دولي سريع لا ربط المساعدات بإنتخاب الرئيس
كتب غاصب المختار في “اللواء”:
برزت أزمة إعادة إعمار ما هدّمه العدوان الإسرائيلي في مناطق لبنانية واسعة، نتيجة عوامل عدة أبرزها الحجم الكبير جداً للدمار الذي يستلزم مبالغ طائلة تفوق كلفة إعادة الاعمار في حرب 2006، وضعف إن لم يكن إنعدام إمكانات الدولة، وعدم قدرة حزب الله وحده على القيام بالعملية كاملة، بخاصة بعد الموقف المنسوب للولايات الأميركية المتحدة برفض مساهمة إيران في العملية، مع العلم ان ثمة من يقول ان إمكانات إيران باتت محدودة عمّا كانت عليه قبلاً، هذا عدا ما أعلنه أكثر من وزير بالحكومة اللبنانية وجهة نيابية وسياسية معنيين، بأن أي دولة لم تعرض تقديم الدعم المالي أو اللوجستي لإعادة البناء قبل إنجاز انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة!
والى ذلك، ثمة مخاوف لدى الحكومة اللبنانية من الاستعانة بالمساعدات الإيرانية مع انها الجهة الوحيدة حتى الآن التي أبدت الاستعداد للمساعدة ومن دون شروط، ومردّ هذه المخاوف اتخاذ الولايات المتحدة موقفاً سلبياً، بل وذهب البعض الى التلويح بفرض عقوبات على لبنان أو على أي جهة تتعاون مع إيران في مجال المساعدات.
لعلّ شرط انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة جديدة مطلب عربي ودولي محق، لكنه يؤخّر جداً عملية إعادة البناء ولا يجوز ربطه بعملية إنسانية وإجتماعية وحتى اقتصادية حيوية، فقد يحصل انتخاب الرئيس وقد لا يحصل في جلسة الخميس المقبل، ولو حصل قد تتأخّر عملية تشكيل الحكومة بسبب الخلافات المتوقعة حول تشكيلها والحصص فيها وتوزيع الحقائب كالعادة. وقد بدأت بعض المواقف لدى بعض قوى المعارضة والتيار الوطني الحر تعلن رفض احتكار بعض الوزارات الأساسية لقوى سياسية معينة ومنها مثلا وزارة المالية.
وعدا ذلك، يخشى بعض الأطراف السياسية أن يكون شرط الخارج لإنتخاب رئيس قبل المساعدة بإعادة الاعمار، عامل ضغط سياسي لفرض الرئيس الذي يريده الخارج لحساباته السياسية المستقبلية خلال عملة تسوية أوضاع المنطقة، ولا يراعي حساسية ودقّة الوضع اللبناني بعد الحرب، بعدما برزت مقولات ان حزب لله خاسر وبات ضعيفاً ويمكن فرض الاملاءات عليه، مقابل موقف الحزب الرافض لهذه المقولة وتأكيد قوة حضوره السياسي والشعبي.
لهذا تقول مصادر وزارية لـ «اللواء» ان لبنان لا يملك مقومات إعادة الاعمار ولا توجد خطة واضحة ودقيقة ومبرمجة لمواكبة المواطنين الذين عادوا إلى قراهم ولا لكيفية المساهمة بإعادة الاعمار. وعلى الحكومة إعادة وضع خطة متكاملة لإعادة الاعمار والتنمية، والمطلوب دعم مالي عربي ودولي ولو مشروط بآلية مراقبة دقيقة للإنفاق على إعادة الاعمار لمساعدة الأهالي المنكوبين، بينما تشير مصادر ميدانية الى ان ثمة معضلة تواجه الأهالي الذين يملكون منزلين واحد في الجنوب أو البقاع وآخر في بيروت أو الضاحية وتم تدميرهما، وهذا القسم من المتضررين يُفترض أن تتم معاملته بعدل سواء من الدولة أو حتى من قبل حزب لله والجهات الأخرى التي ستقدّم المساعدات لاحقاً.
أما بقية الدول العربية والغربية فلم يصدر عنها ما يفيد بعرضها المساهمة في إعادة الاعمار سوى مواقف عامة بإبداء الاستعداد للمساعدة من دون تفاصيل سوى كلام سياسي عن ضرورة استكمال العملية السياسية الدستورية، ربما بإستثناء قطر التي تحدث سفيرها في لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني وبعض مسؤوليها عن ذلك عملياً، لكن لم يحددوا أي آلية أو اقتراح أو مشروع، على الأقل علناً لكيفية مساهمة بلادهم في إعادة الاعمار.
لا شك ان ظروف لبنان والمنطقة تغيّرت عمّا كان عليه الحال في حرب العام 2006، بعد المتغيّرات التي حصلت خلال السنة ونيّف من عمر الحرب ونتائجها على كل المستويات، وبعد المتغيّرات التي قلبت وضعية الشرق الأوسط رأساً على عقب بعد سقوط النظام السوري، وتبدّل نظرة الدول الى الوضع اللبناني الذي أصبح هامشياً أو بالمرتبة الثانية أو الثالثة بالنسبة لها، بينما تحوّلت الأولوية الى كيفية التعاطي مع السلطة الجديدة في سوريا وكيفية المساهمة في تثبيت حكم جديد وفي إعادة الاعمار والتنمية فيها أيضاً وهي أكبر كلفة من إعادة إعمار لبنان.