إسرائيل عاجزة عن شن حرب كبرى وتسعى لتوريط واشنطن لخوضها وكالة عنها
الردّ المركّب سيكون إستراتيجياً تقليدياً موجهاً نحو المصادر الرئيسية للقوة العسكرية للعدو
كتب حسين زلغوط في “اللواء”:
تعيش اسرائيل أسوأ ايامها منذ نشأت هذا الكيان الغاصب على كافة المستويات السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والمالية، وهي معرضة مع قابل الايام الى مزيد من الانهيار والتفكك، نتيجة السياسة الهدامة التي يتبعها بنيامين نتنياهو ومن معه من الوزراء المتطرفين منذ تنفيذ عملية «طوفان الأقصى» الى الآن. فعلى المستوى السياسي الحكومة الاسرائيلية معرضة للتفكك في اية لحظة نتيجة هيمنة المتطرفين الذين يستخدمون نتنياهو دمية بين ايديهم ويأخذون المواقف المتطرفة التي تعزز فرص الجنوح الى حرب اقليمية واسعة.
على المستوى العسكري الجيش الاسرائيلي منهك نتيجة الحرب في غزة وعلى الجبهة الجنوبية، والخلافات تعصف بين كبار جنرالاته والقيادة السياسية ووصل الأمر الى حد القطيعة بين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي هاجمه خلال اجتماع مغلق للجنة الخارجية والأمن البرلمانية، ووصفه بـ«الثرثار»، وهذه الخلافات في ما يبدو ستتفاقم كون ان الرجلين لا يلتقيان حول الكثير من القرارات التي تتخذ إن بشأن الحرب في غزة، أو على صعيد ابرام صفقة لتبادل الأسرى، او في ما خص الحرب على الجبهة الجنوبية.
اما على المستوى الاقتصادي فهناك الآلاف من الشركات الاسرائيلية اقفلت، وقطاع العقارات شبه متوقف بعد الحرب على غزة، ناهيك عن هروب الكثير من المستثمرين من اسرائيل وانكفاء آخرين عن المجيء اليها، اما «الشيكل» فقد انخفضت قيمته الشرائية الى ادنى مستوياته منذ عقود.
كل هذا يقودنا الى القول ان تل ابيب ليس في مقدورها خوض حرب كبيرة لا مع «حزب الله» ولا مع ايران، وهي لذلك استنجدت بالولايات المتحدة وبحلفائها في المنطقة لمساعدتها على مواجهة رد ايران و«حزب الله» على جريمتي اغتيال اسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، وإن الكلام الاسرائيلي عن استعداد تل ابيب ضرب العمق الايراني هو مجرد تهويل ونسج خيال، فالحكومة الاسرائيلية تعي تماما ان اي خطوة من هذا النوع يعني ان ابواب جهنم ستفتح عليها من قبل محور المقاومة من اليمن الى العراق فلبنان، اضافة الى الكم الهائل من الصواريخ الدقيقة التي ستنهال من ايران على المدن الكبيرة في اسرائيل، وهي لذلك ستحاول ان تورط الولايات المتحدة الاميركية في هذه الحرب ان اندلعت لتخوضها بالوكالة عنها، وهذا ما تحاول واشنطن تداركه من خلال تحريك مروحة واسعة من الوسطاء مع ايران لعدم الرد، وفي حال ردت ان يكون الرد مدروسا بحيث لا تندلع حرب اقليمية، غير ان كل الوساطات لم تنجح في ظل ثبات ايران والحزب على موقفهما القائل ان الرد حتمي ولا عودة عنه.
وبحسب ما يعلن على لسان المسؤولين في الحزب وفي ايران فإن الرد سيكون قاسياً، وهذا يدل على ان الضربة ستكون إستراتيجية تقليدية موجهة نحو المصادر الرئيسية للقوة العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية للعدوالاسرائيلي.
وتشمل الأهداف الإستراتيجية كل ما يتعلق بإدارة القوات العسكرية، وإمدادها، ويوجد داخل فلسطين المحتلة ما يقارب المائة وخمسين منشأة وقاعدة عسكرية وكل منشأة بحاجة الى مئة صاروخ ثقيل ودقيق لتدميرها، كما يمتلك الكيان أكثر من ألف منشأة صناعية وزراعية وتجارية.
وانطلاقا من ذلك يتم الحديث عن هجوم مركب اي عبر مسيّرات – صواريخ دقيقة – صواريخ انزلاقية – صواريخ التشتيت فكل جزء من هذا الهجوم يكمل الباقي، فصواريخ التشتيت والتحييد عملها استنزاف المخزون الأول لمنظومات الدفاع، واستنزاف طائرات سلاح الجو الاعتراضية ثم المسيرات لضرب رادارات المنظومة الدفاعية واعمائها ثم الصواريخ الدقيقة والانزلاقية لتدمير الأهداف المطلوبة.
ويشكل الهجوم المركب خطراً كبيراً على الكيان فهو قد يوازي بعض الأسلحة النووية، وثانياً يحمل في طياته القدرة على شن هجوم بري ضخم نتيجة تحييد القدرات الأساسية التي يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي في المواجهة البرية، بعد تحييد سلاح الجو بشكل أساسي مما يفتح المجال لقوى محور المقاومة التي ستناور برياً بأن يكون لديها قدرة أكبر على الحركة، وسرعة في الهجوم، وتنفيذ ضربات جوية في عمق الكيان.
وفي هذا السياق فقد أبلغ فريق الأمن القومي الأميركي الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بأن موعد رد إيران وحزب الله على إسرائيل، لا يزال مجهولا.
وكشف مسؤولون أميركيون أنه في الاجتماع الذي عقده بايدن وهاريس مع مجلس الأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض كان التقييم أكثر دقة، وأن بايدن وهاريس أُبلغا بأن المخابرات الأميركية تتوقع سيناريو يتضمن موجتين من الهجمات، واحدة من «حزب الله» وواحدة من إيران.
ووفق المعطيات فان الرد لن يكون حكما قبل غد الخميس لكي لا تأخذ تل ابيب ذلك ذريعة لكي تتهم ايران بإفشال عملية التفاوض وتحميلها تبعات ما قد يحصل.