كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
وسط تصاعد الحرب النفسية بين «حزب الله» والعدو الاسرائيلي على وقع استمرار المواجهات الميدانية، نشرت صحيفة «التلغراف» البريطانية تقريرها «المُريب» الذي اتهم الحزب بتخزين صواريخ ومتفجرات في مطار الشهيد رفيق الحريري ـ بيروت، فماذا عن الدلالات والتداعيات؟ ومن يدفع نحو الوقوع في المحظور؟
لم يصمد محتوى التقرير طويلاً، إذ سارع الاتحاد الدولي للنقل الجوي الى نفي ما نسبته الصحيفة البريطانية إليه، فيما نظّم وزير الأشغال العامة علي حمية يرافقه بعض الوزراء، جولة استكشافية لعدد من السفراء والاعلاميبن في أرجاء المطار بغية إثبات خلوّه من اي أسلحة بالعين المجردة.
وهكذا، تهاوت رواية «التلغراف» على أرض الواقع، حيث انكشف هزالها وهشاشتها من خلال المسح الميداني للمطار. وبالتالي بَدت وظيفتها التحريضية والتشويهية واضحة في وضح النهار، وإن يكن البعض في الداخل ظل متمسّكاً بـ»أهداب» تلك الرواية لأسباب سياسية، على قاعدة «عنزة ولو طارت».
وبهذا المعنى، لا يمكن فصل ما نشرته «التلغراف» عن سياق حملة الضغوط والتهويل التي يتعرض لها لبنان الرسمي و»حزب الله» بأشكال مختلفة ومن جهات عدة، على وقع التهديد المُتزايد بحرب شاملة، وكأنه يُراد من هذه الحملة ان تحقق عبر الضغط النفسي ما لم يتحقق في الميدان من فرض لوقائع جديدة تطمئن الكيان الاسرائيلي.
كذلك، يوحي تقرير التلغراف انه يندرج في سياق محاولة تحقيق نوع من «توازن الرعب» مع «بنك الأهداف» المصوّر الذي كشفه الحزب اخيراً، مُتضمناً مطار بن غوربون وغيره من المواقع الحيوية الإسرائيلية.
من هنا، يؤكد القريبون من الحزب انه اذا كانت محاولة «تلبيس» مطار الشهيد رفيق الحريري تهمة «إيواء» صواريخ ومتفجرات، ترمي الى تمهيد المسرح أمام توجيه ضربة عسكرية إليه، فإنّ القيادة الإسرائيلية يجب أن تعلم، وهي تعلم، بأن ايّ استهداف له سيقابله حُكماً ضرب مطار بن غوريون، ترجمةً للمعادلة التي سبق أن طرحها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله.
ويلفت هؤلاء الى انّ تقرير التلغراف «كذب بكذب من أوله الى آخره، والصادم هو انّ بعض الاوساط اللبنانية ساهمت في فبركة وقائعه المزورة ثم بادرت هي الى ترويجه والبناء عليه، في إطار التوظيف السياسي المكشوف ضد «حزب الله».
ويستغرب المحيطون بالحزب «ان يكون هناك مَن وصل به الحقد والكيد الى درجة الاستعداد للتحريض على المطار وتشويه سمعته، فقط من أجل تصفية حسابات مع «حزب الله» والإساءة اليه، في حين ان هذا المطار هو لجميع اللبنانيين بلا تمييز وليس محصورا بفئة دون أخرى».
ويشدد هؤلاء على ان «حزب الله» لم ولن يستخدم مطار بيروت لتخزين او نقل اي أسلحة، مشيرين الى ان سلاحه يصل إلى لبنان عبر سوريا، «الأمر الذي كان العدو الاسرائيلي يحاول عبثاً منعه من خلال استهداف مطار دمشق ومحيطه تارة، او قصف قوافل في المصنع وعند الحدود السورية ـ العراقية طوراً. وبالتالي، فإنّ الاسرائيلي يعرف في قرارة نفسه أن لا أسلحة للحزب في مطار بيروت لكنه يتعمّد تحوير الحقيقة لغرض الضغط على المقاومة ولبنان والتهويل عليهما».
ويؤكد القريبون من الحزب «ان الحرب النفسية التي تُشن عليه، بمساعدة جهات لبنانية في الداخل، لن تُجدي نفعاً ولن تستطيع أن تنتزع منه ما عجز العدو عن أخذه على الجبهة»، معتبرين انّ «ما يجري لا يعدو كونه عملية إلهاء وتشويش لا طائل او جدوى منها».
ويشدد المحيطون بالحزب على أن أي خطأ في التقدير يمكن ان ترتكبه القيادة الإسرائيلية سيكون ثمنه باهظاً، «على قاعدة اذا قصفتم مطار الشهيد رفيق الحريري سيُقصف مطار بن غوربون، واذا قصفتم الضاحية او بيروت ستُقصف تل أبيب وغيرها».
ولئن كان الحزب يضع في الحسبان أسوأ الاحتمالات ويستعد لها، الا انّ تقديره حتى إشعار آخر هو انّ الجانب الاسرائيلي لا يزال في وضعٍ دفاعي وغير قادر على شن حرب شاملة ضد لبنان، أقلّه ضمن الظروف الحالية.