كتب محمد بلوط في “الديار”:
تحاول الادارة الاميركية استنساخ اسلوبها الديبلوماسي الذي اعتمدته وتعتمده مع غزة، لتطبيقه في لبنان ايضا. فهي تتحدث بالعموم عن الحاجة الى وقف النار والحرب على الجبهتين، لكنها تؤكد في الوقت نفسه «التزامها الراسخ بأمن اسرائيل»، كما عبر وزير الخارجية الاميركي بلينكن مجددا خلال زيارته الى «تل ابيب».
وتتلخص «الروشتة» التي حملها الى نتنياهو وحكومته، باستثمار استشهاد رئيس حركة حماس يحيى السنوار، والنجاحات الاخرى التي حققتها «اسرائيل» باعتقاده، وتحويلها الى « نجاح استراتيجي دائم»، لافتا انه في صدد البحث مع الحكومة «الاسرائيلية» والشركاء العرب في مستقبل الحكم في غزة.
ولم يسهب بلينكن في الكلام عن محادثاته مع قادة العدو حول الحرب على جبهة لبنان، مكتفيا بالقول انه ناقش «التطبيق الكامل للقرار 1701 يسمح للمدنيين على جانبي الحدود بالعودة الى منازلهم». لكن ما تسرب عن زيارة الموفد الاميركي اموس هوكشتاين الى لبنان وما تلاها، يعطي انطباعا شبه مؤكد بانها لم تسفر عن نتيجة ايجابية ملموسة، الامر الذي يؤشر بوضوح الى ان مصير الجولة الديبلوماسية الاميركية حول غزة ولبنان، سيكون كمصير الجولات السابقة، وان ادارة بايدن العجوزة والعاجزة، لا ولن تستطيع ان تحقق اي شيء قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية في 5 تشرين الثاني المقبل.
وبغض النظر عن تعدد الروايات حول ما طرحه هوكشتاين مع الرئيسين بري وميقاتي، فان المؤكد ان الجانب اللبناني اكد على الموقف الرسمي المعلن والمكرر وهو : المطالبة بوقف اطلاق النار اولا، والالتزام بتطبيق القرار 1701 كاملا وبكل مندرجاته، ورفض التفاوض تحت النار.
ووفقا للتقارير الديبلوماسية وتصريحات قادة العدو وفي مقدمهم نتنياهو، فان «اسرائيل» تفترض انها قادرة على فرض واقع عسكري وسياسي يتجاوز القرار 1701، لذلك فان هناك حاجة الى ممارسة ضغوط جدية وفعالة دولية واميركية بوجه خاص على حكومة نتنياهو، لوقف عدوانها والخضوع لتنفيذ القرار الدولي.
وحسب مصدر سياسي فان ما نقله هوكشتاين لبري وميقاتي مفاده ان الادارة الاميركية تريد وتسعى لتطبيق القرار 1701، وفق آلية واضحة تختلف عما جرى في السابق، لكن اجواء زيارة بلينكن لـ «تل ابيب» لم تؤشر الى ممارسة اي نوع من الضغط على نتنياهو وحكومته، للخضوع وتنفيذ القرار المذكور، بل اكتفى بالنصيحة الاميركية المتكررة المتعلقة بدعوة العدو الى تجنب استهداف المدنيين قدر الامكان، والى عدم استهداف الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني.
ويرى المصدر ان هذا الجهد الاميركي لا يرتقي الى مستوى ممارسة ضغط فعال على العدو الاسرائيلي، لحمله على القبول بوقف النار على اساس تنفيذ القرار 1701، وهذا يعزز الاعتقاد بان الجهود القائمة حتى الآن، لن تؤدي الى نتيجة ايجابية ملموسة قبل الانتخابات الاميركي.
وحسب المصدر فان التطورات وتصعيد الاعتداءات «الاسرائيلية» بعد زيارة هوكشتاين لبيروت، عزز الشكوك في نتائج هذه الزيارة وطبيعة الردود التي ينتظرها المسؤولون اللبنانيون من الموفد الاميركي في الايام القليلة المقبلة.
ووفق المعلومات التي توافرت لمصادر ديبلوماسية، لم يأخذ هوكشتاين حتى الآن اي جواب جديد من حكومة العدو، حول مسألة وقف النار او الموقف من تطبيق القرار 1701، وانه قصد باريس بعد لبنان لاجراء محادثات مع المسؤولين الفرنسيين، حول الجهود التي تشارك فيها باريس لوقف النار، لا سيما الاتصالات التي اجرتها مؤخرا مع طهران.
وتركزت مباحثاته ايضا على اجواء ونتائج الجهود الفرنسية المتعلقة بمؤتمر دعم لبنان الذي عقد امس، ومسألة دعم الجيش اللبناني عدة وعددا، لانتشاره حتى الحدود بعد وقف النار.
اما الكلام على اجواء ايجابية نسبية لزيارة هوكشتاين للبنان، فانه يبقى معلقا على ممارسة الادارة ضغطا جديا على العدو الاسرائيلي اولا، وخضوع «اسرائيل» لمثل هذا الضغط اذا ما حصل في الايام او الاسابيع المقبلة.
وتستبعد المصادر اية اجواء ايجابية في المرحلة الراهنة، لاسباب عديدة ابرزها:
– اصرار نتنياهو على المضي في حربه على لبنان، لتحقيق الاهداف التي تتجاوز الاهداف المعلنة، مع العلم انه وباقي القادة «الاسرائيليين» يؤكدون تارة على المضي بالعدوان حتى تدمير بنية حزب الله، وطورا بالحديث عن استمرار العملية البرية المترافقة مع الضربات الجوية والبحرية، للاهداف العسكرية والمالية والاقتصادية للحزب، بالاضافة الى مواصلة استهداف قادته وكوادره وانشاء منطقة عازلة خالية من وجود عناصره وسلاحه حتى الليطاني.
– عدم حصول التوازن الميداني المطلوب حتى الآن، رغم تحقيق المقاومة وحزب الله مؤخرا ضربات قوية ضد العدو، اكان في المواجهات البرية الحدودية المباشرة، اما على صعيد دقة وتوسيع الضربات بالصواريخ والمسيرات كما حصل مؤخرا في منزل نتنياهو وقبله في قاعدة «لواء غولاني».
وفي الخلاصة السائدة لدى الاوساط السياسية والديبلوماسية، ان جهود ادارة بايدن المحشورة بالاستحقاق الانتخابي الاميركي الاصعب لتحقيق نوع من الانجاز في غزة ولبنان، محكومة بالفشل لسببين:
– اولا لانها غير مرافقة باي شكل من اشكال الضغط على العدو «الاسرائيلي».
– ثانيا لان نتنياهو وحكومته المتطرفة مصران على المضي بالحرب والتصعيد والهروب الى الامام، وعدم اعطاء اي جائزة لادارة بايدن قبل الانتخابات.