يخوض الرئيس فؤاد السنيورة امتحانا انتخابيا صعبا في دائرة بيروت الثانية حيث لا يتلقى الدعم المطلوب. وقد لا تشكل الارقام التي سيحصل عليها اعضاء لائحة “بيروت تواجه” مفاجأة كبيرة مع التعويل على المرشحَين في صفوفها الوزير السابق خالد قباني والنائب فيصل الصايغ.
ويبقى الرهان على نسبة المشاركة التي يُخشى ألا تكون مرتفعة في العاصمة قياسا بدورات سابقة. ويرجع السبب الأول هنا الى غياب الرافعة السنية الاولى التي يشكل “تيار المستقبل” دعامتها عن المشاركة في الترشيحات. ولا احد يقلل سوء الاوضاع المعيشية وانعكاسها السلبي على الناخبين في العاصمة ومعظم الدوائر الاخرى.
وبالعودة الى السنيورة، يبدو انه تُرك وحيدا في هذه المواجهة حيث لا تنسيق مع رؤساء الحكومات السابقين. وينقل عنه قوله ان أهل السنّة والجماعة وقفوا معه وساندوه ابان وجوده في السرايا في اللحظات الصعبة، وهو يبادلهم اليوم هذا الجميل الذي تلقّاه منهم. ولم يشأ الرئيس تمام سلام المشاركة او التدخل في انتخابات بيروت، وقد ترجم بالفعل ما اعلنه في بيان عزوفه ولو لم يدعُ الى المقاطعة بل ترك الامر للبيروتيين وخياراتهم.
ولا يؤيد سلام ما اقدم عليه السنيورة، اقله في الإعلام، رغم قول الاخير انه على تنسيق مع نادي رؤساء الحكومات. ويقول لسان حال سلام الذي قرأ المشهد بإتقان من دارته في المصيطبة صاحبة الجولات والصولات الانتخابية الطويلة في هذا الميدان، انه لن يغادر باب الاستحقاق الانتخابي حتى يدخله من الشباك.
أما الرئيس نجيب ميقاتي فسلك طريق سلام ولو كان سيدعم لائحة في طرابلس لكنه غير منخرط في العملية على نحو مباشر لعدم ترشحه. وهو منذ اليوم الاول اتخذ قرارا بالعزوف لأسباب تخصه في الدرجة الاولى، اضافة الى قراره بعدم ازعاج الحريري. ويدعو في الوقت نفسه الناخبين إلى مشاركة واسعة في الشمال والمناطق الاخرى.
وفي جلسة سلام مع السفير السعودي وليد البخاري، تحدثا في ملفات عدة من لبنان الى الخليج ولم يتطرقا الى الانتخابات وتفاصيلها.
وعلى عكس كل الكلام الذي قيل بان عودة البخاري جاءت لاسباب انتخابية ودعم لوائح قريبة من خط المملكة ومنها “بيروت تواجه”، تبين المعطيات ان لا اساس لها من الصحة، وتقتصر موازنتها على تخصيص رقم مالي صغير يتصرف به اتحاد عائلات بيروت في اقامة سحورات ودعم أسر محتاجة.
ولا تقارَن المبالغ التي تنفقها “بيروت تواجه” بالنفقات التي تصرفها لوائح اخرى في حملاتها الاعلانية وإقامة الافطارات وتقديم مساعدات مالية،
في مقابل اللائحة المدعومة من السنيورة الذي لم يخفِ ارتياحه لمسار الامور في اجتماعه مع “مجلس العشرين” من النخب السنية امس كما يجب. وتنشط اللوائح الاخرى وفق البرامج التي وضعتها مسبقا وباشرت تطبيقها قبل اشهر وفق خطط مدروسة. وتعمل لائحة “وحدة بيروت” بكل طاقتها بإشراف الثنائي “حزب الله” وحركة “أمل” من دون ضجيج اعلامي. ومن المتوقع ان يوصل الثنائي مرشحَيه الشيعيين، فضلاً عن اثنين آخرين. ولا تتأخر لائحة نبيل بدر والنائب السابق عماد الحوت في سعيها الى كسب اصوات تفضيلية من صحن قواعد “تيار المستقبل” التي ما زالت تشكل بيضة القبان السني في العاصمة ومناطق اخرى.
وتواصل لائحة “لتبقى بيروت” المدعومة من حركة “سوا للبنان” وماكينتها في العاصمة الجهد المطلوب قبل موعد الاستحقاق.
من جهتها، لا تقصّر لائحة النائب فؤاد مخزومي في انجاز استعداداتها قبل البرنامج. وتوقف كثيرون عند عدم وجوده مع لائحة المدعوين الى الطاولة السياسية التي اقامها السفير البخاري في الافطار الذي شارك فيه رؤساء الوزارات والاحزاب المسيحية والاسلامية القريبة سياسيا من فلك المملكة.
ومن المرجح ان تتم دعوة مخزومي في الأيام المقبلة الى افطار السفارة الذي سيجمع فاعليات ورجال اعمال. ولا تقصد الديبلوماسية السعودية من كل هذه الافطارات وحركة البخاري في بيروت التدخل في الانتخابات او دعم لائحة على حساب اخرى.
ومن المفارقات التي تعيشها بيروت فقدان الوجوه الشعبية والمؤثرة في الانتخابات. وتنسحب هذه السردية على مناطق أخرى ولو بدرجة أقل بسبب مشاركة حزبيين محترمين في الانتخابات. ولولا الوزير السابق خالد قباني وعدد من الوجوه لانعدمت الاسماء المؤهلة حقا للدخول الى البرلمان في العاصمة، ولو كان المرشحون من اصحاب الشهادات العليا لكنها لا تكفي لجذب الناخب البيروتي. وثمة مجموعة منهم اطلت في مقابلات تلفزيونية لم تكن على المستوى المطلوب. كما ان ثمة مرشحة قدمت اجوبة بعيدة من المتابعة السياسية في ندوة تلفزيونية ولم تكن محل ترحيب الجهة التي تدعم لائحتها.
وجرى الطلب من ادارة ماكينات لوائح من عدد من المرشحبن عدم المشاركة في اي اطلالة إعلامية.
ويقول محام عتيق من بيروت ان العاصمة تشهد إحباطا، ومرد ذلك الى جملة من الاسباب والمعطيات غير المشجعة. ولذلك تسيطر حالة من الفتور وسط حيرة لا يعرفها من هم في مناطق اخرى نتيجة التنافس العائلي في الارياف. وما تجتازه بيروت تمر به طرابلس ايضا ما عدا حصول زحمة في احيائها من خلال افطارات وسحورات يقيمها بعض المرشحين.
ويبقى عنوان واحد يسيطر على انتخابات بيروت الثانية، هو حالة الارباك التي تسيطر على اكثر اللوائح المرشحة، والتي تنسحب مناخاتها هذه على طرابلس ولو بدرجة أقل.