أهمية التوعية لتشجيع الرضاعة من الثدي
لاحظت وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية ان الارضاع من الثدي في لبنان راح يتقهقر في العقود الاخيرة، شأننا في ذلك شأن العديد من البلدان. وكان من نتاج هذه الظاهرة ان تعرضت خصوصاً صحة الاطفال الى مضار جسيمة. ولوضع حد لهذا السلوك الخاطىء وبناء على توصيات هيئات دولية أخصها منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأطفال “اليونيسيف” وبمبادرة من جمعية تنظيم الاسرة في لبنان،
اصدر وزير الصحة والشؤون الاجتماعية القرار 147/1 تاريخ 4/4/1983 الذي يعلن “السبت الثاني” من شهر نيسان من كل عام يوماً وطنياً للارضاع من الثدي.
ان فائدة الام والطفل على السواء من الارضاع الطبيعي اصبحت راسخة ومقبولة، وقد اكدها لبنان بنوع خاص عندما أصدرت السلطة الصالحة المرسوم الرقم 110 تاريخ 11/9/1983 المتعلق بتنظيم تسويق بدائل حليب الأم.
وبما ان لهذه المديرية العامة ولسائر المعنيين بالام والطفل والاسرة دوراً نوده ناجحاً وفاعلاً، يتمثل خصوصاً بالتشديد على تعميم فوائد الارضاع الطبيعي من ثدي الام، ونظراً لأهمية هذا الموضوع الصحي،
قصدنا طبيب الاطفال الدكتور جورج سالم الذي زودنا بمعلومات قيمة حول أحدث ما توصل اليه العالم اليوم من ثوابت علمية حول تغذية الطفل الرضيع واليكم الحوار:
ظاهرة استعمال الحليب المصنع كبديل لحليب ثدي الام
ان استعمال الحليب المصنع لتغذية الطفل بدلاً من تغذيته بحليب أمه كان في الاصل وليد حاجة نشأت في ظروف اضطرارية معينة ومحصورة اهمها وفاة الام في اثناء الوضع أو بعيده، أو اصابة الام بمرض خطر، مثل السل، ينقل العدوى ويودي بالرضيع. ومع مرور الايام وتطور الطب، نسي الناس هذه المنطلقات، كما وان صناعة الحليب المعد للرضع، كانت في الوقت عينه آخذة في الازدهار بحيث برزت وبسرعة، المؤسسات الصناعية الضخمة التي راحت تعمل على زيادة ارباحها عبر دعايات مغرية تصم الآذان وتعمي الابصار، وتتغنى بمنافع وحسنات الحليب المصنع. وقد استطاعت هذه الدعاية ان تؤثر في الرأي العام حيث اصبح “الارضاع بالزجاجة” عنوانا للتمييز الطبقي والعصرنة وصارت العائلات الأقل يسراً تقلد العائلات الموسرة في هذا المضمار.
أسباب العودة الى الارضاع الطبيعي
في ضوء الدراسات الوبائية التي وضعتها المؤسسات العلمية المختلفة والمنظمات الدولية المتخصصة وفي طليعتها منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، والتي تؤكد ان الاطفال الذين يتغذون بالحليب الصناعي يمرضون ويموتون ثلاث مرات اكثر من الاطفال الذين يرضعون من ثدي امهم. تنادت هذه المؤسسات وعلى كل المستويات للعودة الى الارضاع من الثدي، وقد ظهر تأثير هذه الدعوة حالياً في الطبقات المتعلمة والموسرة ايضا، وبقيت هذه العادة لدى جميع الطبقات والمستويات.
الخصائص العامة لحليب الام وحليب الحيوان:
حليب المرأة الناضج يختلف كثيرا عن حليب البقرة او المعزاة او الغنمة او الفرس.
مكونات حليب الأم: ان المواد الاساسية في حليب المرأة الأم هي عينها في حليب البقرة انما بنسب مختلفة، وهذه المواد هي:
1ـ الماء: ولهذا لا يحتاج الطفل الرضيع الى الماء.
2ـ المواد الدهنية: وهي سهلة الهضم.
3ـ السكر: ونسبته مرتين اكثر مما هو متوافر في حليب البقرة.
4ـ البروتينات: ونسبتها في حليب المرأة الام اقل مما هي عليه في حليب البقرة كما انها اسهل حلاً وامتصاصاً واكثر تحويلاً. ان أحد هذه البروتينات يجمد الحديد ويمنع تكاثر الجراثيم.
5ـ الأملاح المعدنية: الكالسيوم والبوتاسيوم والماغنيزيوم والكلور.
6ـ الفيتامينات: ونسبتها ضعف ما هو منها في حليب البقرة.
حليب الأم يتطور ويتكيف: ان حليب الام يتغير ويتطور ويتكيف باستمرار خلال الرضعة الواحدة وطوال مدة الارضاع. فالحليب الذي تدره مرضعة بعد ستة اشهر من ممارسة الارضاع يختلف عن الحليب الذي درّته خلال الاسبوع وهذا الاختلاف يعود للتغيير الذي يطرأ على مادة الكولستروم في بدء الارضاع وبعد مدة من الزمن. كما أن نسبة الفوسفور والكالسيوم تتناقض يوماً بعد يوم بينما تزداد نسبة الماغينزيوم تدريجا خلال هذه الفترة. كذلك يصبح محتوى حليب الأم من البروتينات ومضادات الأجسام بعد عدة اشهر من الارضاع اقل منه في الاسابيع الاولى ويختلف حليب الام في بدء الرضعة عن نهايتها بحيث يصبح اكثر دسماً وغنى وتزداد نسبة الدهنيات فيه، مما يؤدي الى اشباع الطفل.
حليب الام غذاء ودواء: من مميزات حليب الام انه الغذاء الأمثل للطفل في الاشهر الاولى من عمره. ويعطيه مناعة ضد الامراض، ولهذا فهو غذاء ودواء.
ان حليب الام هو: معقم وحرارته ثابتة ومناسبة.
ـ سهل الهضم وتمتصه الامعاء بسرعة.
ـ يحتوي جميع المواد الغذائية الاساسية.
ـ جاهز للاستهلاك الفوري ولا يحتاج الى تحضير.
ـ غير معرض للتلوث او التلف.
ـ خير وسيلة لكفاية غريزة المص عند الطفل.
ـ مصدر توفير الصحة الجيدة والجسم السليم والعقل النير في الكبر.
ـ يوطد العلاقة الحميمة بين الطفل والأم.
اما الفوائد الطبية فهي:
ـ احتواؤه على مضادات الاجسام التي تكون المناعة الطبيعية ضد الامراض.
ـ حماية الطفل من الاسهالات والتهاب الرئة وأمراض الحساسية.
ـ عدم تسببه بغازات وعسر الهضم واضطرابات معوية.
فوائد الارضاع بالنسبة الى الام:
ـ انه يوفر على الام جهداً كانت ستصرفه على تحضير الحليب الصناعي وتعقيم الزجاجات.
ـ يساعد على عودة الرحم الى وضعه الطبيعي.
ـ يخفف من تعرض الام للاصابة بسرطان الثدي.
ـ يساعد على تأخير فترة الحمل الثانية.
يوفر على العائلة ثمن الحليب والزجاجات وثمن الوقود، وبصورة عامة يساعد الارضاع على انشاء صلات عاطفية بين الطفل وامه ويوفر له الشعور بالمحبة والحنان والأمان.