الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

أن ينطق نتنياهو بوقف النار

أن ينطق نتنياهو بوقف النار

هي بضع كلمات من آموس هوكشتاين الى السفير في واشنطن مايك هرتسوغ “اذا لم توقفوا النار لن تكون هناك وساطة أميركية، ولتذهب القضية الى مجلس الأمن دون أن نستخدم حق الفيتو”. ليس حباً بنا وانما خوفاً على “اسرائيل”. الأميركيون ضالعون في لغة الأرقام. تقارير أجهزة الاستخبارات لديهم تقول “اذا بقوا هكذا يقاتلون في جهنم، لا بد أن تنفجر “اسرائيل” من الداخل”.

يا للمفارقة، هذا بعدما كان الائتلاف هناك يراهن على انفجار لبنان من الداخل. المشكلة الآن، كيف نتنياهو الذي قال بتغيير الشرق الأوسط، والذي وعد مَن كانوا حوله في تلك الليلة الرهيبة، بأن يغرز نجمة داود في المكان الذي اغتيل فيه السيد حسن نصرالله، أن ينطق بوقف النار. خائف من الغضب الأميركي، بعدما تبين أن سبب التعثر سياسي لا أمني، ومن اسقاطه بيد ايتامار بن غفير وبسلئيل سموتريتش الرافضين لذلك.

هو من أطلق على حربه “حرب القيامة”. بكاء الميركافا لم يكن هذه المرة في وادي الحجير، وانما في كل مكان. من هنا نقول لقد فقدنا تحت الركام الكثير من الوجوه الجميلة. ولكن ذروة كبريائنا، ذروة لبنانيتنا، أن نكون وحدنا في الصراع ضد مغول القرن. تلك القاذفات وتلك القنابل الهائلة، ألا توحي بما كان يفعل الآلهة في الميثولوجيا الاغريقية بالبشر. على أرض الجنوب كان سقوط الآلهة. من هناك ولد لبنان دولة استقلال لبنان، لا من قصر فرساي ولا من قصر الصنوبر. انه الاغتسال بالدم الذي هو الاغتسال بالحياة. نحن لا هم من خاض ويخوض حرب القيامة…

ولندع ببغاءت وغربان الشاشات (وكيف يتناسلون )، غارقين ليلة سقوط القسطنطينية في الجدل، حول انتهاك الرئيس نبيه بري للدستور وللقواعد الفلسفية للدولة في مفاوضاته، كما لو أنه لم يتصرف كرجل من كل لبنان ولكل لبنان، وبالتنسيق مع أهل الرأي لا أهل الكلام من الطوائف الأخرى. سؤالنا الساذج… لماذا اختاره الأميركون هو بالذات؟

حجتهم الدفاع عن الدولة، عن منطق الدولة وسيادة الدولة. أين كانت الدولة حين كان الشعار الوطني (الأشد وقعاً من النشيد الوطني) قوة لبنان في ضعفه”. وكان غض الطرف، ومنذ الخمسينات من القرن الفائت عن الطائرات “الاسرائيلية”، وهي تختال في الأجواء اللبنانية. لعلها رقصة اللقلاق، لا رقصة البرابرة.

وأين كانت الدولة لدى التوقيع على “اتفاق القاهرة” (1969 ) بتسليم مفاتيح الجنوب، بل مفاتيح لبنان لياسر عرفات؟ وأين كانت الدولة حين كان آرييل شارون يتجول بين غرف القصر الجمهوري (1982)؟ وأين كانت حين بقيت أرضنا تحت الأقدام الهمجية 18 عاماً من القهر والاذلال والقتل ؟ وهل الدولة هي التي أزالت الاحتلال، ليشرب ايهود باراك في تلك الليلة من ايار 2000، نخب “الخروج من جهنم”؟ الآن لسوف يخرجون هذه المرة، وعلى وجوههم الكثير من أيام جهنم!

اسألوا وليد جنبلاط عن نبيه بري، وكيف كانت ولا تزال قضية لبنان تضج في رأسه، دون أي اعتبار آخر، وبعدما كان الفرنسيون، وفي ضوء تقارير أجهزة استخباراتهم وأجهزة أخرى، يحذرون من قرار نتنياهو ازالة لبنان، وليس فقط ازالة حزب الله، دون أن يدري أن قادة المقاومة، بمن فيهم قادة المقاومة الديبلوماسية، ليسوا على شاكلة أبو الجماجم وأبو الهول وأبو الزعيم الذين فروا من مخيم عين الحلوة الى البقاع ليلة الاجتياح “الاسرائيلي”، بعدما تركوا الخنادق لليالي ألف ليلة وليلة (الليالي الحمراء) في الكباريهات وتحت الثريات.

الآن، بعد كل ذلك الموت وكل ذلك الخراب، لا تدويل ولا أمركة للبنان، بل لبننة لبنان (تذكروا قول الشيخ نعيم قاسم نحن فصيل لبناني). لبنانيون ولن نكون الآخرون لأننا في زمن النكبة الكبرى والبطولة الكبرى، عرفنا من هم الآخرون.

أولئك الذين بقامات الجبال وبصلابة الجبال هم لبنان الجديد. الهوية لبنانية لا مستوردة، الايديولوجيا لبنانية لا مستوردة، لتكون صناعة الدولة لا في القصور، ولا في المطابخ الدولية في الخنادق.

ولنكن على خطى ريمون بوانكاريه وجورج كليمنصو، اللذين تجاوزا سنوات الكراهية من أجل فرنسا لدى اندلاع الحرب العالمية الأولى. كفانا حفراً (للخنادق أو للقبور) في ظهور بعضنا البعض. في ظهر لبنان، لتبقى المسألة هل ينطق نتنياهو الخائف على مصيره “اسرائيلياً” وأميركياً، بوقف النار أو لا ينطق…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى