أميركا أطلقت يد إسرائيل في لبنان وسوريا.. وفرنسا تتمايز
اقتراحان للجم انتهاكات الاحتلال هل تختار الحكومة أحدهما؟
كتب غاصب المختار في “اللواء”:
يبدو ان السلطات اللبنانية الرسمية استسلمت للأمر الواقع الإسرائيلي والأميركي بعدم انسحاب قوات الاحتلال من التلال الخمس وبعض المواقع في عدد من قرى الحدود الجنوبية برغم مضي أيام على انتهاء مهلة تنفيذ الانسحاب، وبقيت تعوّل على المساعي الدبلوماسية والاتصالات واللقاءات مع أعضاء لجنة الإشراف الخماسية على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، لا سيما الجانب الأميركي منها، برغم انحيازه السافر لجانب الاحتلال وتغطية كل ارتكاباته ومنحه مزيداً من الوقت والحرية في تدمير ما تبقّى من حياة ومقومات عيش واحتمالات عودة الأهالي الى قراهم.
تلقّى رئيسا الجمهورية والحكومة كثيراً من الوعود الأميركية والكلام المعسول ومؤخرا باتصال مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز بالرئيس جوزاف عون قبل يومين، ولم يحصل منه سوى على مزيد من الوعود بمساعٍ جديدة لتحقيق الانسحاب وإشادة بإنتشار الجيش اللبناني، الذي أعاق الاحتلال ولا زال يعيق انتشاره في باقي مناطق الجنوب، لكن مصادر رسمية افادت لـ«اللواء» ان الكلام الذي نسمعه من الأميركي جميل لكن المهم أن نلمس شيئاً على الأرض، ولذلك ننتظر تحقيق الوعود الأميركية ولا نملك خياراً آخر.
وبسبب التفرّد الأميركي والإسرائيلي بالواقع الميداني تقف فرنسا العضو الأساسي الثاني في لجنة الإشراف عاجزة عن تحقيق أي خطوة تفيد في انسحاب الاحتلال، برغم كل المساعي التي بذلتها ومنها مساعي رئيس الجمهورية ايمانويل ماكرون ووزير خارجيته وسفيره في بيروت، وبرغم الاتصالات المباشرة التي تجريها فرنسا وماكرون شخصياً مع الكيان الإسرائيلي وبخاصة مع رئيس حكومته بنيامين نتنياهو، لكن عبثاً، إذ تؤكد مصادر دبلوماسية لـ «اللواء»، ان الاتفاقات الجانبية بين أميركا وإسرائيل أقوى وأفعل من أي اتفاقات أو التزامات أخرى ولو رعتها الأمم المتحدة، والاتفاق الجانبي واضح في تبنّي الإدارة الأميركية لسياسات إسرائيل ليس في لبنان فقط بل وفي سوريا أيضاً، حيث تقوم قوات الاحتلال بتثبيت نقاط لها داخل الأراضي السورية، برغم الحديث الأميركي عن ضرورة حفظ استقرار وأمن سوريا وسيادتها كما استقرار لبنان وأمنه وسيادته.
لكن ما يميّز فرنسا عن أميركا في لبنان بحسب المصادر الدبلوماسية، انها لاعب غير مباشر أيضاً خارج اتفاق وقف اطلاق النار، وهي بموازاة الانحياز الأميركي لإسرائيل، تحاول أن تحقق نوعاً من التوازن السياسي بإنحيازها غير المباشر للبنان وتبنّيها لكل مطالبه وتوجهاته حتى لا يكون مستفرداً.
وتوضح المصادر ان فرنسا ساهمت من خلال وجودها في لجنة الإشراف ومن خلال آلية المراقبة الموضوعة في معالجة 250 حالة تخالف اتفاق وقف اطلاق النار في الجنوب منذ بدء تنفيذه في كانون الأول من العام الماضي، كما ساهمت بشكل غير مباشر عبر تبنّيها لمطالب لبنان في تصليب موقفه ليكون صارماً وحازماً في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للإتفاق والدعم الأميركي له. لكن بما ان القرار الفعلي بيد أميركا عبر دعمها المفتوح للكيان الإسرائيلي ما زال لبنان يركن الى الوعود الأميركية لتحقيق الانسحاب.
وتشير المصادر أيضاً الى دور فرنسا عبر اللجنة الخماسية العربية – الدولية في دعم مواقف لبنان، ومتابعتها للمراحل اللاحقة المرتقبة بعد جهدها في انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة والمساهمة في تنفيذ برنامج العهد والحكومة، وتقول: ان الفرق بين الفرنسي والأميركي ان فرنسا تعلم جيداً تفاصيل النسيج اللبناني منذ عهد الاستقلال وتراعي خصوصياته الدقيقة، خلافاً للأميركي المهتم فقط بمصالحه ومصالح الكيان الإسرائيلي والبعيد جداً عن مراعاة أوضاع لبنان وخصوصياته وطبيعة تركيبته.
وثمة من طرح مؤخراً، كنوع من الضغط اللبناني على لجنة الإشراف على الاتفاق وعلى الأميركي بشكل خاص اقتراحين: الأول، مقاطعة لبنان لاجتماعات لجنة الاشراف طالما انها لا تقوم بواجبها الكامل في إلزام الاحتلال بتنفيذ الاتفاق وتكتفي بمعالجة بعض الأمور السطحية، بدل صب الجهد على وقف الارتكابات الاحتلال من تدمير للحياة في قرى الجنوب والتي استمرت شهرين و20 يوماً حقق فيها الاحتلال ما لم يحققه في الحرب.
والاقتراح الثاني لجوء الحكومة اللبنانية الى طلب تعديل الاتفاق بحيث يتضمن بنوداً إلزامية أكثر تشدّداً وتغيير آلية المراقبة المتبعة وغير المجدية، وتكليف اليونيفيل بمهام أكثر تشدّداً في وقف الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية. فهل تتبنّى الحكومة أحد الاقتراحين، على الأقل من قبيل الاحتجاج السلبي العملي لا اللفظي فقط.