ناصر قنديل
– غداً يدخل القائد المقاوم جورج عبدالله، الأسير في السجون الفرنسية بطلب أميركي صهيوني، رغم نهاية مدة سجنه القانوني في فرنسا، السنة الأربعين من أسره، والسنة الثالثة والسبعين من عمره، وهو الشاب اللبناني الذي شارك في مقاومة الاحتلال عام 1978 وأصيب بجراح، واعتُقل في ليون في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1984 وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة من قبل محكمة الجنايات الخاصة في ليون في عام 1987 لاتهامه باغتيال الدبلوماسيين الأميركي تشارلز راي والإسرائيلي يكوف بارسي منتوف عام 1982 في باريس، رداً على اجتياح لبنان من “الجيش الإسرائيلي” بدعم أميركي كامل. ورغم أن عبد الله مؤهل ليتمّ الإفراج المشروط عنه منذ عام 1999 وقدّم بالفعل تسعة طلبات للقيام بذلك، لكن القضاء الفرنسي يرفض إطلاق سراحه، في عام 2003، قبل القضاء الإفراج عنه، لكن دومينيك ببيرن وزير العدل آنذاك عارض وطلب من مكتب المدعي العام استئناف الحكم. كما تدخل الأميركيون معتبرين أن عبد الله لا يزال يمثل تهديداً نشطاً. وفي عام 2013، وافق القضاء الفرنسي مجدداً على إطلاق سراح جورج عبدالله وكان الأمر متروكاً لمانويل فالس وزير الداخلية آنذاك لإصدار أمر بطرده من فرنسا. لكن محكمة النقض تدخّلت بعد ذلك لإلغاء الإفراج المشروط على أساس أن المعتقل كان يجب أن يتمتع بصفة “شبه حرية أو وضعه تحت المراقبة الإلكترونية لمدة سنة واحدة على الأقل” قبل ذلك. ثم في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، رفضت محكمة تنفيذ الحكم مرة أخرى وأعلن عدم قبول طلبه الجديد.
– ليس هناك من علامة على حجم التبعية الفرنسية للتعليمات الأميركية الصهيونية أشدّ بلاغة من مظلومية جورج عبدالله. وهذا هو التفسير الوحيد لفشل كل مساعي الإفراج عن هذا القائد اللبناني العربي الفلسطيني، ومن بينها مساعٍ تبنّاها رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون وعمل عليها اللواء عباس إبراهيم، وكان يقف حزب الله وراء تشجيعها، تعبيراً عن الوفاء لسيرة هذا القائد المقاوم. ومن الطبيعيّ أن تتطلع وتشخص عيون كل المقاومين الصادقين من عرب ولبنانيين وفلسطينيين، نحو قيادة المقاومة في غزة، خصوصاً قيادة قوات القسام، التي تدير عملية معقدة لمواجهتها العسكرية والسياسية وفي قلبها قضية الرهائن الذين تحتجزهم قوات القسام، ومنهم كما قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي لم يخفِ مستوى عنصريته العدائية لكل ما هو عربي وفلسطيني، معلناً اصطفافاً كاملاً وراء موقف كيان الاحتلال، وصولاً الى بدع قانونية لا تشبه فرنسا أقدم عليه وزراء ماكرون، في تظهير هذا الانحياز الأعمى الى جانب الهمجية النازية المتوحشة لجيش الاحتلال، فرفض المندوب الفرنسي في مجلس الأمن الدولي التصويت الى جانب مشروع قرار يدعو الى وقف إطلاق النار. وأعلن وزير داخلية ماكرون منع أي تظاهرة تساند فلسطين وغزة وتخرج احتجاجاً على الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال. وأصدر وزير عدل ماكرون فتوى همايونية تصف التضامن مع غزة بالعداء للسامية ليبرر إنزال العقوبات بكل متضامن مع الشعب الفلسطيني، وصولاً الى تحريم لبس الكوفية ورفع علم فلسطين، ومعاملتها أسوة بالشارات النازية، قبل أن يبطل هرطقته قرار من مجلس الشورى الفرنسي.
– نداؤنا إلى قيادة القسام باسم كل المناضلين من أجل فلسطين ومن أجل المقاومة ومن أجل الحرية، أن تضعوا قضية جورج عبدالله في بالكم وأنتم تدرسون ملف الرهائن الفرنسيين، لأن الفرصة لن تتكرّر، ولن يكون بمستطاع الأميركي والإسرائيلي أن يتدخّلا لتعطيل حرية جورج عبدالله هذه المرة، إذا وضع اسمه في أي مقايضة بالرهائن الفرنسيين، وتقبّلوا منا الطلب بألا تضموا الإفراج عن الرهائن الفرنسيين الى معادلة الإفراج بلا شروط ودون مقابل، عندما تسمح الظروف، فقضية جورج عبدالله أمانة في أعناقكم، وهو أسير فلسطين وأسير المقاومة.
– الحرية لجورج عبدالله، لنحتفل معاً بحريته كواحدة من ثمرات طوفان الأقصى، وهو أكثرنا التصاقاً بفلسطين.