فتح تنصف أبناءها والمسيرة مستمرة

كتب عصام الحلبي
في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، تبقى حركة فتح الاسم الأبرز، والراية التي لم تُنكس رغم كل العواصف والمؤامرات. هي الحركة التي فجّرت الثورة الفلسطينية المعاصرة، وأطلقت الرصاصة الأولى، وكانت أول من رفع الحجر في وجه الاحتلال، لتكرّس نفسها عنوانًا للنضال والهوية والانتماء.
فتح ليست مجرد تنظيم سياسي، بل هي حركة الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وشرائحه، إذ تجسد وجدان الأمة وضميرها الجمعي، وتعبّر عن طموح الفلسطيني في الحرية والكرامة وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. فمنذ انطلاقتها، حملت فتح مشروعًا وطنيًا جامعًا، احتضن الجميع دون إقصاء أو تمييز، فكانت الحاضنة التاريخية للحركة الوطنية الفلسطينية الممتدة جذورها منذ أكثر من قرن.
ورغم ما واجهته من مؤامرات واستهدافات ومحاولات تشويه وتفتيت، لم تضعف فتح ولم تنكسر. فهذه الحركة التي أرهقتها الجراح وترك الزمن على جسدها ندوبًا، ما لبثت أن نفضت عنها غبار المتسلقين والانتهازيين، لتعود أكثر نقاءً وصلابة، وأقرب إلى جوهرها الأصيل الذي انطلقت منه خدمة للوطن والإنسان الفلسطيني.
اليوم، تعود فتح بخطى ثابتة نحو مرحلة جديدة من الاستنهاض والإصلاح، تضع فيها مصلحة أبنائها وجمهورها في قلب أولوياتها. فالمشهد الفتحاوي الداخلي يشهد ورشة إصلاح إداري ومالي شاملة، هدفها تصويب المسار وإعادة الحقوق إلى أصحابها، وإرساء قواعد العدالة التنظيمية التي تضمن استمرار الحركة قوية وفاعلة ومتجددة.
وقد تجلى ذلك في إنصاف المئات من صف ضباط الحركة وعناصرها، من خلال منحهم استحقاقاتهم في الرتب والترفيعات والحقوق المالية التي حُجبت عنهم سابقًا. هذا القرار لم يكن مجرد إجراء إداري، بل هو رسالة ثقة وتجديد للعهد بين القيادة وأبناء الحركة، عنوانها “الوفاء للمناضلين، والعدل أساس القوة والاستمرار”.
وفي مشهدٍ يفيض بالوفاء، يتوجه أبناء فتح بالشكر والعرفان إلى القيادة الحكيمة ممثلة بالرئيس القائد محمود عباس (أبو مازن)، وإلى اللواء البحري العبد إبراهيم خليل، الذين يقودون بإخلاص مسيرة التصحيح والإنصاف، مؤكدين أن هذه الخطوات ليست إلا البداية في طريق استعادة روح فتح الأصيلة.
إن ما يجري اليوم ليس مجرد تصحيح لمسار إداري، بل هو ولادة جديدة لفتح الثورة والهوية، فتح التي عرفت دائمًا كيف تنهض من رمادها، لتعود أقوى وأقدر على مواصلة الطريق نحو الحرية والاستقلال.
فتح ستبقى أم الجماهير، وأول الرصاص، وأول الحجارة، ودرع المشروع الوطني الفلسطيني.
ومهما اشتدت التحديات، ستظل مسيرتها مستمرة، ورايتها خفّاقة، لأنها ببساطة… تعبّر عن فلسطين كل فلسطين







