كتب ميشال نصر في “الديار”:
على جبهة الحرب والسلم خروق بالجملة، وفي الداخل خرقان “تشريعيان”، الاول اكتمل باقرار القوانين المدرجة على جدول الاعمال، والثاني مرحل الى التاسع من كانون الثاني 2025، تحت اعين الموفد الرئاسي الفرنسي الذي حضر الجلسة بصفة “مراقب” من على مقاعد “المشاهدين”، موزعا ابتساماته ومعلّقا على مجريات الجلسة، هامسا لمساعدته، “شاكرا ربه” لنجاحه في الجزء الاول من مهمته البيروتية هذه المرة.
مشهد رأت فيه مصادر خارجية متابعة خطوة من “ابو مصطفى” على طريق استكمال تفاهمات جانبية غير معلنة، على هامش اتفاق “الترتيبات الامنية”، واستكمالا لما بدأ مع “مبادرة” الثلاثي بري- ميقاتي- جنبلاط، مرورا بمواقف الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وصولا الى تعهد الثنائي خلال المفاوضات مع الوسيط الاميركي بانجاز انتخاب رئيس للجمهورية، قبل استلام الادارة الجمهورية البيت الابيض.
وتابعت المصادر، بان خطوة الانتخاب اساسية لانجاز الاتفاق النهائي من ترسيم للحدود البرية، الى اطلاق حملة الاعمار واعادة البناء المرتبطة بسلسلة اجراءات اصلاحية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وسط ربط مختلف الدول والصناديق مساعداتها الجدية للبنان بنتائج هذه التغييرات واتجاهها، ذلك ان اي انتخاب لن يكون كافيا بحد ذاته، اذ يجب ان يأتي من ضمن خطة متكاملة تشمل رئيس الحكومة، شكل الحكومة وتوزناتها، بيانها الوزاري، الجسمين الامني والقضائي وكذلك المالي.
وعلى هذا الصعيد، تشير المصادر الى ان مهلة الشهر التي تركها رئيس المجلس مفتوحة لانجاز “حوار غير مباشر” بين الاطراف، للاتفاق على اسم للرئاسة، قد لا تنجح في الوصول الى نتيجة دون ضغوط خارجية، ذلك ان ثمة مجموعة من الاسماء المطروحة غير المطابقة للمواصفات الموضوعة، سواء من جهة “الخماسية” الباريسية، او من جهة المملكة العربية السعودية، التي اعاد سفيرها في بيروت وليد البخاري التأكيد امام مَن تواصل معه من نواب خلال الايام الماضية، التأكيد على ان الرياض غير مهتمة بالاسم بقدر اهتمامها بالمواصفات، معددا المعايير التالية: “النزاهة، عدم الانغماس في الفساد والارادة الاصلاحية، والقدرة على لم الشمل واستيعاب مختلف القوى السياسية من خلال علاقات سليمة يرعاها الدستور”، وفقا لما نقل عنه حرفيا احد من التقاهم، وهو ما تسكمل الصورة التي وضعت “الخماسية” بعض ملامحها، وهي ان يكون “سياديا ومؤمن بالطائف”.
من هنا، جاءت زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، فور الاعلان عن “التسوية”، لاستكمال الجزء السياسي، بالتنسيق مع اموس هوكشتاين ولقائه سفراء “الخماسية”، حيث تكشف اوساط ديبلوماسية، ان عشرات الملفات بدأت تصل الى واشنطن وباريس، مرتبطة باسماء مرشحة للرئاسة لحرق اوراقها.
وفي قراءتها للاندفاعة الفرنسية، رأت المصادر في موقف باريس، محاولة استباقية لانجاز الاستحقاق قبل استلام ادارة ترامب في العشرين من كانون الثاني، مع ما قد تحمله من تغيير للمعادلات الرئاسية، وفقا لما بلغ من اصداء لاكثر من جهة، علما ان العلاقة الاميركية – الفرنسية لن تكون “سلسة” على ما هي عليه اليوم، وبالتالي تسعى باريس الى الحفاظ على مكتسابتها اللبنانية الاقتصادية والسياسية، رغم ان هوكشتاين ابلغ المعنيين في الايليزيه، ببعض الخطوط الحمر التي لن يسمح بتخطيها في هذا الملف، وهو ما نقله لودريان الى المعنيين في بيروت.
وختمت المصادر مبدية حذرها ازاء امكانية التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية، الا في حال نجح الخارج في فرضه، ذلك ان التوازنات لم تتغير بالقدر الكافي لاحداث خرق، وهو ما عبر عنه بصراحة كلام الشيخ نعيم قاسم حين تحدث “عن دور فاعل في السياسة الداخلية”، ملمحة الى ان عدم نجاح جلسة التاسع من كانون الثاني، وتلك التي ستليها، سيؤدي الى نتائج كارثية، قد يكون احدها عودة الحرب على لبنان.
اذا بات واضحا ان القرار الدولي هو لانتخاب ” رئيس محط ثقة محلية ودولية ، قادر على اطلاق عجلة الاعمار والانقاذ والاصلاح، وبناء الدولة وتنفيذ الطائف والقرارات الدولية”، على ما يردد سفير دولة كبرى في جلساته. فهل تنجح جلسة التاسع من كانون الاول؟ ام هي “دعسة ناقصة ومتسرعة” اقدم عليها رئيس المجلس لكسب الوقت؟ الايام المقبلة ستحمل معها الجواب اليقين.