الاخبار الرئيسيةعربي ودوليمقالات

الانتخابات البرلمانية العراقية:نحو مرحلة جديدة من التنمية و الاعمار

وسط استعداداتٍ أمنيَّةٍ ولوجستيَّةٍ مكثفةٍ لتأمين العمليَّة الانتخابيَّة في العراق المقرَّرة الأسبوع المقبل أعلن المستشار القانونيُّ للمفوضيَّة حسن سلمان أن المفوضيَّة العليا المستقلّة للانتخابات اعتمدت 304 مراقبين دوليين و نحو 1500 صحفيٍّ محليٍّ ودوليٍّ لتغطية هذه الانتخابات مرجِّحاً مشاركة و فود من الجامعة العربيَّة والأمم المتحدة في عملية المراقبة..
و من المقرر أن يبدأ الصمت الانتخابي ابتداء من الساعة السابعة صباح يوم السبت القادم الموافق 8 تشرين الثاني استعدادا للتصويت الخاص يوم 9 تشرين الثاني، المتعلق بالقوات المسلحة بكافة تشكيلاتها ونزلاء السجون والمستشفيات والتصويت العام يوم 11 تشرين الثاني الجاري.
و دعا عضو الفريق الإعلامي في المفوضية، حسن هادي زايرجميع القوى السياسيَّة والمرشَّحين إلى الالتزام بالصمت الانتخابيِّ، وتهيئة الأجواء الملائمة لإجراء اقتراعٍ عادلٍ وشفّافٍ يعكس إرادة الناخبين.
و تجري هذه الدورة من الانتخابات على نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة و فقا للتعديل الثالث لقانون الانتخابات البرلمانية العراقية الذي أقره البرلمان في مارس/ آذار 2023 بعدما أجريت الانتخابات الأخيرة وفق الدوائر المتعدّدة، في أكتوبر/ تشرين الأول 2021
ووفقاً للمتحدثة باسم مفوضية الانتخابات في العراق جمانة الغلاي فإن عدد الناخبين المسجلين لديها بلغ نحو 21 مليون ناخبا سوف يختارون عنهم 329 نائبا موزعين على 18 دائرة انتخابية. و بلغ عدد المتنافسين 7754 مرشحا بينهم 2250 امرأة يتنافسن على 83 مقعدا مخصصا للنساء. كما ينص القانون على أن تخصص مقاعد محددة للأقليات القومية والدينية على مستوى المحافظات وتشمل المسيحيين والصابئة المندائيين والإيزيديين والشبك والكرد الفيليين، و قد خصصت المفوضية 8703 مراكز اقتراع موزعة على جميع المحافظات.

وبحسب مفوضية الانتخابات فإن نحو400 حزب يشارك في الانتخابات، و ان عدد التحالفات السياسية قد بلغ نحو 140 تحالفاً..
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية انها استكملت كل اجراءاتها لتأمين العملية الانتخابية و سوف تقوم بمنع التنقل بين المدن والمحافظات وإغلاق المنافذ البرية و المطارات عشية عملية الاقتراع ولغاية انتهاء نقل صناديق الانتخابات إلى مراكز العد والفرز الرئيسة في العاصمة بغداد..
وفيما تكتسب هذه الانتخابات أهمية كبيرة في ظل ظروف اقليمية و دولية بالغة الحساسية تشهد على المستوى الداخلي تنافسا حادا بلغ بالبعض حد استخدام اساليب غير قانونية كاستخدام خطاب الكراهية و الفتنة و التفرقة و التعبئة الطائفية ما اضطر مفوضية الانتخابات الى اتخاذ اجراءات مشددة لوقف هذا النوع من اساليب الترويج و اقصاء عدد من المرشحين بدعم من المحكة العليا.
وبانسحاب التيار الوطني الذي يتزعمه السيد مقتدى الصدر، وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، وعدد من القوى الاخرى من المشاركة في هذه الانتخابات ينحسر التنافس في الساحة الشيعية في مكونين اثنين هما ائتلاف “الإطار التنسيقي”، الذي يمثل أكبر كتلة شيعية برلمانية تتكون من 8 تحالفات أساسية، وهي “ائتلاف دولة القانون، وتحالف الفتح، والعقد الوطني، وائتلاف قوى الدولة، وتحالف الأساس، وحركة حقوق، وتحالف تصميم، وحزب الفضيلة الإسلامي”، و تحالف الإعمار والتنمية الذي يقوده رئيس الحكومة محمد شياع السوداني والذي اختار عدم الالتحاق بالإطار التنسيقي انتخابياً.
أما في الساحة السنية فتظهر عدة تحالفات غير موحده، أبرزها “تحالف السيادة” برئاسة خميس الخنجر، و”حزب تقدم” برئاسة محمد الحلبوسي، و”تحالف العزم” برئاسة مثنى السامرائي، و”حسم الوطني” برئاسة ثابت العباسي.
و في الساحة الكردية، يتصدر المشهد الانتخابي الحزبان المعروفان”الحزب الديمقراطي” بزعامة مسعود بارزاني و”الاتحاد الوطني” بزعامة بافل طالباني، مع ظهور قوى جديدة مثل حركة “الجيل الجديد”، برئاسة شاسوار عبد الواحد، و”الاتحاد الإسلامي الكردستاني” برئاسة صلاح الدين بهاء الدين، بالإضافة إلى حركات أخرى مثل “حركة التغيير” و”الجماعة الإسلامية في كردستان.
و فيما تشتد المنافسة بين القوى و الاتحادات المشاركة في الانتخابات قبيل اعلان الصمت الانتخابي للتأثير على جمهور الناخبين تنشغل القوى الرئيسية بمتابعة التحليلات و الدراسات و استطلاعات الرأي لاستشراف النتائج التي ستسفر عنها هذه الانتخابات لجهة حجم التمثيل و من يكون له الحظ في تشكيل الحكومة المقبلة و بالتالي من سيكون اللاعب الرئيسي في تكوين السلطة القادمة..
و تتباين وجهات النظر حول هذا الموضوع بين من يعتبر ان هذه الانتخابات تعد اختباراً حقيقياً لاستقرار النظام السياسي في العراق وسط التحديات الأمنية والانقسامات، و بين من يأمل أن تفتح هذه الانتخابات الطريق أمام مرحلة أكثر استقراراً ونمواً للبلاد. و يقول مراقبون ان حظوظ رئيس الحكومة محمد شياع السوداني هي الأوفر للفوز و تولي الحكومة لولاية ثانية .على الرغم من الاتهامات و حملات التشويش التي يتعرض لها من بعض المنافسين الذين لا يرغبون في ذلك. وتنحصر الاتهامات في انه يحاول توظيف الخدمات و مشاريع التنمية في خدمة الانتخابات و هذا ما يؤشر الى عدم وجود ممارسات و مواقف تؤخذ عليه لاستخدامها ضده. ويشير عدد من المتابعين الى ان السوداني تميز خلال فترة توليه رئاسة الحكومة بنوع من الاداء الجدي و المسؤول جعل البلاد تشهد تحسنا ملموسا يشاهده كل زائر للعراق في الفترة الاخيرة ما يجعله في صدارة المؤهلين للفوز بولاية ثانية بالاضافة الى توسيع دائرة علاقات العراق مع الجوار و الاقليم على قاعدة الاحترام المتبادل و المصالح المشتركة دون التخلي عن الثوابت الوطنية العامة. و هو ما تعكسه تصريحات دول الخليج التي كانت على علاقة سيئة مع العراق في فترات سابقة و قد ذكرت صحيفة الشرق الاوسط السعودية ان السوداني يفترض أن يحصل على نحو 60 مقعداً في البرلمان المقبل، رغم أنه لم يشترك في الانتخابات المحلية،و قالت انها استندت الى دراسة من داخل العراق تقر بأن رئيس الحكومة أنجز خلال الأشهر الماضية تحالفات مرنة مع قوى شيعية، وأن الإطار التنسيقي لم يكن يستوعب قدرته على صياغة هذا الثقل الجديد في ظل الاستقطاب والتنافس بين الأحزاب و بالتالي فان السوداني اخترق المعادلة الشيعية، ويمكنه أن يخرج كلاعب أكثر قوة في البرلمان المقبل.
و يؤكد معظم المحللين أن السوداني سيحصل على أكبر عدد من الأصوات في هذه الانتخابات، خاصة أنه رفع شعار الإعمار والتنمية، في وقت لا تزال فيه أجزاء من العراق تفتقر إلى الخدمات و يتوقع خبراء في الشؤون العراقية أن تحصل قائمة السوداني على ما بين 50 إلى 70 مقعداً.
السوداني نفسه قال في المؤتمر السنوي السابع لمبادرة العراق، الذي نظمه معهد تشاتام هاوس في لندن بداية الشهر الماضي، أنه”يتوقع الفوز بأكبر عدد من المقاعد، وهذا يعود إلى ثقة الناس التي اكتسبها من خلال تقديم الخدمات”. مضيفا بأن التحالف الذي يرأسه اثبت وجوده بين الناس، و هو يتطلع إلى تشكيل الحكومة المقبلة حتى يتمكن من مواصلة البرامج الاقتصادية والخدماتية.
و شدد السوداني في مؤتمر انتخابي في محافظة نينوى ، على أنه لا مجال لتكرار أخطاء الماضي ولا للإهمال والتأخير, و أن الأولوية هي العمل وخدمة المواطن، وأن مهمتهم معالجة هموم الناس واحتياجاتهم و أن الانتخابات البرلمانية هي معركة بين من يريد إعادة إنتاج مشاريع الفشل والفساد وبين من يسعى لاستمرار عجلة الإعمار والتنمية….
محمد عرندس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى